للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[امرأة وشيطان]

للأستاذ على محمود طه

(من إحدى قصائد ديوان الشوق العائد الذي يصدر قريباً)

ودنا الليل ورنَّت صدحةٌ ... نَّبههُ حين لا يبغي انتباها

وإذا مقصورةٌ من حوله ... خالها تَنبِضُ بالروح دماها

وقفتْ غانيةٌ في بابها ... قد تعرَّتْ غيَر فضلٍ من حُلاها

ثم نادت: يا (أحبايَ انهضوا ... واغنموا الليلة حتى منتهاها)

وتلاشى الصوتُ لا رجعَ صدىً ... لا ولا ثمَّ مُجيبٌ لنداها

فعرتها رِعدةٌ، فالتفتتْ، ... فرأْتهُ، فتلقّاها وجِاها

أبصرتْ وجهاً كوجه المِسْخِ لم ... يَتَقَنَّعْ، شاهَ هذا الوجهُ شاها

ورأتْ كفَّيهِ ينَدَى منهما ... أَرَجُ الزهرْ فأجَّتْ نظرتاها

عرفتْ ما اجترحتهُ يَدُهُ ... أو لا يعرفُ من داسَ حماها؟

يا لهذا المسخ! دوَّتْ ومَشتْ ... صيحةٌ يُنذر بالويل صَداها

فانثنى الشيطانُ عنها صارخاً ... أتُراها تتحدى؟ مَن تُراها؟

فَبَدتْ في شفتيها آيةٌ ... من مُبينِ السْحر، أو ما فمحاها

فدَنَتْ ترمقهُ فاختلجتْ ... عينهُ، حين أشارت بعصاها

بُدلَّتْ تلك العصا جمجمةً ... رِيعَ لمّا شرَعَتْها فاَّتقاها

هيَ من مَلْكة جِنٍ من تُصب ... يخترمْهُ بالمنايا محجراها

فتنحّى غاضباً مبتئساً ... وتنحَّتْ والاسَى يُلجِم فُاها

وسَجَى بينهما الصمتُ الذي ... يَتغثّى الأرض إن خان ردها

والتقتْ عيناهما فاستروحا ... راحةً من قبلها ما عرفاها

عرفت من هو فاستختْ له ... ورأى من هيَ فاستحيا قُواها

قال: أختاهُ اغفري لي نظرةً ... اشتهتْ كلَّ جمالِ واشتهاها

واغفري لي شِرةً عارمةً ... في دمي، لو أتأبى ما أباها

يا لهذا الدَّمِ! ما عنصرُهُ؟ ... كل ما في النار من وقد لظاها!

<<  <  ج:
ص:  >  >>