للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

التعس. . .!

أقصوصة روسية

للأستاذ عبد اللطيف النشار

لست أعرف لماذا يعتقد كثير من الناس أن المقادير تعني بحظوظ الملوك والأبطال لا بالرجال العاديين، وأن الرجال العاديين لا شأن للأقدار بهم كأنها لا تلحظهم

لم يكن بطل هذه القصة من الملوك ولا الأبطال، ولكن الأقدار لم تكن في عناده أقل حرصاً على الانتصار منها في عناد (أوديب) الملك، حتى يظن المرء أنها تركت كل مشاغلها وتفرغت (لإيجور شيمو دانوف) مدة الثلاثين عاما التي قضتها في حرب معه.

ولد (إيجور) لأبوين غير معروفين لأنه لقيط. وكان مولده في قرية من قرى سيبريا. وترك عند باب تاجر من أغنياء التجار اسمه (إيجور) ومن ثم أطلق عليه هذا الاسم، وكان في الأعوام الأولى من حياته سعيداً تتهيأ له من أسباب الرفاهية ما لا يتهيأ أوفر منه لابن أمير.

وكان التاجر الغني وزوجه يقصران عنايتهما عليه حتى استثار بذلك حقد الأقارب وحسدهم، فألبساه الحرائر وأطعماه الشهي ونادياه بأحب الأسماء، وامتلأ الطفل والتف عوده، ولكن بقيت فيه نعسة الزيادة في الطعام. وهكذا ظل طول عمره ممتزج اليقظة بشيء من النعاس.

وكان شعره أصفر ناعماً وقوامه ممتلئاً قصيراً. ولكن سمنته مازالت تقل كلما كبر حتى صار هزاله محزناً في أخريات أيامه

لما بلغ السابعة من العمر مات اللذان تبنياه موتاً شنيعاً إذ تحطمت بهما عربة القطار، ولم يشك أحد في أنه أبنهما وكانت هذه النكبة أول حلقة في سلسلة أحزانه

وكان أول ما فعله ورثة التاجر أن جردوا (إيجور) من ثيابه الحريرية وطردوه من المنزل. ولقد كان الموت مقدوراً عليه في الطريق لولا أن رحماء آخرين أخذوه من الطريق فأرسلوه إلى الإصلاحية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>