للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإشارات بأيدي هذه التماثيل تنوب عن تلك الخطوط لمن لا يحسن قراءتها. صلاحا للعباد، ومنفعاً لهم من التغرير بأنفسهم في ذلك البحر).

وكان الحكماء والجغرافيون من العرب، يعرفون أن هذا البحر موصل إلى الهند. فقد جاء في كتاب السماء والعالم لأرسطو في الدليل على صغر الأرض أن الموضع الذي يدعى أصنام هرقل، يختلط بأول حد من حدود الهند. ولذلك قالوا إن البحر واحد)

رواد المحيط من العرب

واقتحام أبناء قحطان بحر الظلمات، وركوبهم أهواله أمر لا مرية فيه، وقد بسط الأب أنستاس الدليل على ذلك نقلا عن هيرودوتس وعن استرابون. ونحن بدورنا نبسط الدليل نقلا عن المصادر العربية.

جاء في مروج الذهب صفحة ٧١ في ذكر الكلام عن البحر المحيط (وله أخبار عجيبة، وقد أتينا على ذكرها في كتابنا (أخبار الزمان) في أخبار من غرر وخاطر بنفسه في ركوبه، ومن نجا منهم ومن تلف، وما شاهدوا منه وما رأوا).

وإذا لم يحفظ لنا التاريخ قول المسعودي في أخبار من ركب هذا البحر، فقد ذكر لنا الإدريسي في كتابه الجغرافي النفيس قصة الاخوة المغرورين أو المغررين الذين خرجوا من لشبونة، وضربوا في عرض المحيط، ثم عادوا يقصون على الناس مشاهداتهم. ولعلهم حاولوا عبثاً إقناع القوم بوجود دنيا جديدة وآفاق حديثة، وراء لجج المحيط، فرماهم البعض بالغرور والبعض بالتغرير. قصتهم ولا ريب، كانت معروفة قبل المسعودي - والأرجح أنها وقعت في القرن الثالث الهجري - التاسع المسيحي - وتناقلها الناس بعد ذلك فلحقها شيء من التحوير والتبديل، شأن جميع الروايات التي تجري على الألسن وتدخل في عداد الأساطير. لذلك سنورد القصة كما استقاها الإدريسي من الأفواه في منتصف القرن السادس الهجري - الثالث عشر الميلادي.

قال في كتاب - نزهة المشتاق إلى اختراق الآفاق -

(من مدينة لشبونة، كان خروج المغررين في ركوب بحر الظلمات، ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه كما تقدم ذكرهم. ولهم بمدينة لشبونة بموضع من قرب الحمه، درب منسوب إليهم يعرف بدرب المغررين، إلى آخر الأبد. وذلك أنه اجتمع ثمانية رجال كلهم أبناء عم،

<<  <  ج:
ص:  >  >>