للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

للفكر والمنطق، لولا فيض من حيوية الطبع، يجرف قوى الذهن والوعي، فتستحيل جنوداً لهذا الطبع الحي، تضرب بسلاحه، وتستمد من القوة، وله عليها السيطرة في النهاية!)

في هذا الذي اقتبسناه إيضاح لطبيعة المنطق عند العقاد، ولأسس التحليل والتعليل التي نعنيها. وفيه كذلك تفسير لكل آراء العقاد في الكون والحياة، وفي الأدب والفن، على السواء.

وما لهذا أو ذلك وحده سقنا هذا الاقتباس. ولكن لأنه يصلح كذلك أساساً للحديث عن (هذه الشجرة)!

إنه يتحدث عن أسلحة المرأة وأسلحة الرجل في الحياة، فيردها إلى أهداف الحياة وإلى مصلحة النوع، وإلى إرادة الطبيعة. فسلاح المرأة هو الإغراء، وسلاح الرجل هو الإرادة. وتعليل ذلك فيما يلي:

(وليس للمرأة أن تريد غير هذا النوع من الإرادة، لأسباب عميقة في أصول التركيب والتكوين.

(وموقف الجنسين من الاستجابة لمطالب النوع يهدينا إلى حكمة هذا الفارق من طريق قريب.

فالذكور من جميع الحيوانات قد أعطيت القدرة - بتركيبها الجسدي - على إكراه الإناث لاستجابة مطالب النوع طائعات أو مقسورات. ولا يتأتى ذلك للإناث على حال من الحالات الجسدية، فغاية ما عندهن من وسيلة أن يهجن الرغبة في الذكور وأن يجعلنهم يريدون، ولا يستطيعون الامتناع عن الإرادة.

(فهذا الفارق ملحوظ في أعمق أعماق التركيب الجسدي من كلا الجنسين، منذ نشأ الفارق بين ذكر وأنثى في عالم الحيوان. وحكمته ظاهرة كل الظهور، لأنها هي الحكمة التي توافق بقاء النوع، وارتقاء الأفراد جيلا بعد جيل.

(فالإغواء كافٍ للأنثى، ولا حاجة بها إلى الإرادة القاسرة. بل العبث تزويدها بالإرادة التي تغلب بها الذكر عنوة؛ لأنها متى حملت كانت هذه الإرادة مُضيَّعة طوال مدة الحمل بغير جدوى: على حين أن الذكور قادرون إذا أدوا مطلب النوع مرة، أن يؤدوه مرات بلا عائق من التركيب والتكوين، وليس هذا في حالة الأنثى بميسور على وجه من الوجوه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>