للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يحوي حقائق غريبة لا يدري الحي عن أكثرها شيئا، ولا يمكن

أن توضع موضع الاختبار والتجربة. وقد أثارت من الدهشة

ما هز الأفئدة جميعاً. ويقتصر عملي على ترجمة هذا

المخطوط العجيب دون تعرض للتفسيرات التي أثيرت حوله،

ولا للجدل الذي اكتنف هذه التفسيرات. وللقارئ أن يري فيما

جاء به رأيه، بيد أنه ينبغي أن نذكر دائما أنها خطرات ميت.

وإليك ترجمة هذا المخطوط).

ترجمة المخطوط الهيرغليفي

يا إلهي! ماذا يعوز هذا القبر من طيبات الحياة الفانية؟! إنه قطعة من صميم الحياة حافلة بما لذ وطاب. لقد حليت جدرانه بصور الجواري والخدم، وفرش بأفخر الأثاث، وأجمل الرياش. وبه ما أشاء من أدوات الزينة والعطور والحلي؛ وفيه مخزن مفعم بالحبوب والبقول والفاكهة. وهاهي ذي مكتبتي حملت إليه بمجلداتها الحكيمة، وما يحتاجه الكاتب من الأوراق والأقلام. هي الدنيا كما عهدتها. ولكن هل ثمة طعم للدنيا في حواسي الآن؟! أبي حاجة إلى متعة من متعها؟! جهد ضائع ذلك الذي بذله الذين هيئوا هذه المقبرة. بيد أني لا أستطيع أن أنكر أمراً غريباً هو أنه ما فتئت نفسي تنازعني إلى القلم. يا عجبا! ما لهذه الأوراق تناديني بسحرها المحبوب؟! ألا يزال بي موضع لم يمح منه الموت منازع الضعف والهوى؟ أقضي علينا - معشر الكتاب - أن تشقى بضاعتنا في الحياتين؟! على أية حال لا يزال أمامي فترة انتظار أبدأ بعدها رحلتي الأبدية. فلأشغل هذا الفراغ بالقلم. فلطالما دان القلم الفراغ بالجميل.

رباه! ألا زلت أذكر ذاك اليوم الذي فصل بين الحياة والموت من عمري؟! بلى. في ذلك اليوم غادرت قصر الأمير قبيل الغروب، بعد عمل شاق، تعناني فيه الجهد، حتى قال لي

<<  <  ج:
ص:  >  >>