للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هديته. والقصيدة كلها - على اختلاف أوزانها وقوافيها - تجري على نغم حلو الرنين مستقيم الوزن

ولقد وقفت وأنا أقرأ هذه القصيدة عند بيت أعجبني وهو:

سوف نغدو في الورى أسطورة ... ينقل الناس الهوى عنك وعني

أترى في أي ديوان قرأت مثل هذا البيت؟ ولأي شاعر ينسب هذا المعنى؟ ألم يقل شوقي في مصرع كليوباترة:

غننا في الشوق أو غنى بنا ... نحن في الحب حديث بعدنا

نعم قال شوقي ذلك. ولكن الياس أبو شبكة زاد عليه قوله (ينقل الناس الهوى عنك وعني) وتلك زيادة شرح وبيان زاد بها المعنى حلاوة وليست من فضول الكلام.

٤ - عطر ودخان

اشتهر الأستاذ محمود تيمور بالقصة وله فيها مكان مشهور أما أدب المقالة فلم يطالعنا منه إلا هذا الكتاب الجديد (عطر ودخان). فهو محاولة أولى من قلم تيمور؛ ولكنها محاولة ناجحة، فإن أفكار تيمور التي كان يبثها في خلال قصصه ومسرحياته نراه اليوم يبثها في خلال طائفة من المقالات الممتعة.

ولكن أليس لنا أن نتساءل لماذا عدل تيمور عن فن القصة في معالجة المشكلات إلى فن المقالات؟ هل وجد في المقالة متسعاً للعلاج لم يجده في القصص والمسرحيات؟ جواب هذا السؤال عند تيمور نفسه. ولكننا نستطيع أن نؤكد له أن هذه المقالات فيها من المتعة الفنية الكثير. وأن فيها من روح القصصي الكثير. وأن فيها نفوذاً إلى دقائق الحياة عالجها تيمور في هدوئه ورفقه أكثر مما يعالج الكتاب الاجتماعيون بالأرقام والمستندات. . .

وأول شئ في هذا الكتاب فصل عن الرجعية الحميدة وكونها من دعائم النهضة الحديثة. فالأستاذ تيمور في هذا الفصل العميق ينادي بأن نأخذ من الجديد ما يبقى على شخصيتنا ويجعلها قوية نامية. وينادي بأنه ليس من المستطاع قطع الصلة بالماضي قطعاً باتاً مهما يكن من أمره ومهما تكن المصلحة في هذا القطع. فما يدعو أليه ولاة التجديد من نفض اليدين من تراث الماضي مضاد للطبيعة القاهرة التي جعلتنا زبدة ذلك الماضي. وهذا كلام جميل وخاصة أن الرجل كمحمود تيمور عرف ثقافة العرب وثقافة الغرب. ولعل هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>