للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصفة وذلك اللباس يتجليان رائعين فيما كتب من فصول عن (أماه تلك الملهمة التي لا يفتأ الأستاذ قطب يردد ذكراها ويحس بالوحشة إليها. وما أجمل اللوحة التي أبدعها قلمه حين قال مخاطباً إياها (قفي. . . قفي نصمد لعجلة الزمن العاتية كي لا تدور فتسحق كل عزيز وتدفن الماضي الذي نعيش على هداه. ظللي يا أماه حياتنا بجناحيك الرفيقين، ولا تحسري هذا الظل عن مواقعه التي تفيأناها. عيشي معنا يا أماه في هواجسنا وأفكارنا، ولا تبالي أن يلذعنا ألم الذكرى كل لحظة، فهو ألم رفيع عزيز، يغذي من نفوسنا ما كان يغذيه عطفك، ويملأ من وجداننا ما كانت تملؤه رعايتك. جنبينا الفراغ القاتل، والسلوى الرخيصة. . . يا أماه).

والحق أن كتاب (الأطياف الأربعة) ممتع يلتذ القارئ بقراءته حتى ليكاد يستعيد بعض فصوله مرات ومرات؛ فإن الصور الخاطفة التي ساقها مؤلفوه، والمشاعر السامية التي أودعوها صفحاته، والتحليلات النفسية البارعة التي عرضوها فيه، دلت على قدرة مشاعة بين أخوة أربعة، وفطنه مشتركة بينهم، ولباقة أدبية يتميزون بها ويتحلون.

غير أنني أريد أن أهمس في آذان الكتاب الأفاضل، ولا اظنني متحاملاً عليهم، إن مصنفهم اتشح بالسواد واكتنفته مسحة قاتمة من الحزن تكاد تبلغ مرتبة التشاؤم. حتى الغلاف لم يسلم من ذلك الخمار الأسود القائم يجلل صدره. أما كان يجدر بهم أن يضيفوا إلى (الأطياف الأربعة) طيفاً خامساً مرحاً أو باسماً؟ أما كان من الأفضل أن يكون الكتاب معرضاً لصنوف المشاعر، بين فرح وحزن، وابتسام وعبوس، وجمال ودمامة؟

والكتاب فيما عدا ذلك قطعة أدبية فنية رائعة، تحس حين تقرأه اتساقاً وانسجاماً بين فصوله المختلفة تفصح عن مكنونات قلوب كاتبيه السمحة، وميولهم الأدبية الرفيعة.

وديع فلسطين

بكالوريوس صحافة

<<  <  ج:
ص:  >  >>