للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ورأيت قومي نحوها ... يَمْض الأصاغر والأكابر

أيقنت أني لا محا ... لة حيث صار القوم صائر. . .

ولقد ألهم الله الجمعية الفلسفية المصرية صوابا في القول حين قالت في تصدير أول كتاب من كتبها (وإذا أراد الله بالفلسفة خيراً ألهم أهلها أن يسلكوا سبيلاً أخرى، فيعنوا بالشئون الإنسانية، وبالأمور التي يتجه إليها التفكير في كل زمان ومكان، ويعالجوا بحوثهم في أسلوب سائغ جذاب يفتح باب الفلسفة على مصراعيه لجمهور المثقفين).

أما العناية بالشئون الإنسانية فنجد أن الدكتور علي عبد الواحد وافي قد هدف إليها في رسالته الجليلة (الأسرة والمجتمع) التي تعد بحق تحفة في المكتبة العربية. ونجد أن أساتذة آخرين سيكتبون في سلسلة هذه الجمعية عن الحياة الأخلاقية، والتشريع والإصلاح الاجتماعي. وأمثال هذه الموضوعات التي تتناول الواقع والحياة، ولا تطير وراء الغيبيات والمجهولات. . .

ولكن الدكتور عثمان أمين - وهون شريك الدكتور علي عبد الواحد وافي في كتابه تصدير هذه السلسة - ترك العناية بالشئون الإنسانية من أخلاق وسياسة واجتماع وراح إلى الفلسفة يلتمس عندها سدَّ النقص في القوة الإصلاحية والروحية. لأنه يرى أن (كل إصلاح تم في الماضي أو سيتم في المستقبل إنما هو أثر من آثار الفلاسفة وأحرار المفكرين).

وما كان الأنبياء يا صديقي فلاسفة ولا أحرار تفكير ولكنك لا تنكر الإصلاح الذي تم على أيديهم:

على أن اكتفاءك بالكلام في الشخصيات الفلسفية وترك التأليف في الشئون الإنسانية - كما صنع الدكتور علي عبد الواحد - يُعدُّ ركونا إلى أهون الحملين وأخف العبأين. . .

إلا أنني لا أكتمك أنني وجدت في كتابك لوناً من المتعة واللذة عرفتُه من قبل في كتابك عن (محمد عبده). ووجدت في أسلوبك الواضح السائغ أخذا بما عاهدت أنت ورئيس الجمعية في تصديركما لأول كتاب.

وما أنا بقائل هنا لك جديداً؛ فقد كنت أقرأك في مجلة (المقتطف) من سنوات فأجذ فيك من الوضوح ما صارحتك به من حين إلى حين. وهأنذا اليوم أقرأك فأجدك سائغ الأسلوب في سقراط، وفي الثلاثة الفلاسفة المسلمين الذين شئت أن تكتب عنهم، وفي ديكارت وهيوم من

<<  <  ج:
ص:  >  >>