للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فكلنا نعجب بقول المنخل اليشكري:

وأحبها وتحبني ... ويحب ناقتها بعيري

ونطرب لقول جميل:

لكل حديث بينهن بشاشة ... وكل قتيل عندهن شهيد

ويروعنا قول المتنبي:

تسود الشمس منا بيض أوجهنا ... ولا تسود بيض العذر واللمم

وكان حالها في الحكم واحدة ... لو احتكمنا من الدنيا إلى حكم

ويهزنا قول شوقي:

وجواهر التيجان ما لم تتخذ ... من معدن الدستور غير صحاح

وأي منطق في هذا؟

لو أنا اتخذنا المنطق وحده دعامة للأدب لانقلب إلى حقائق جافة لا خيال فيها ولا جمال ولا سحر، ولكان أحرى به أن يسمى علماً لا أدبا؛ لأن خصيصة الأدب في لغات العالم كلها أن معانيه خيالية، وليس معنى هذا أنها بمعزل عن منطق الحياة، أو فيها خلط واضطراب، وما زال العالم يكبر ما خلفه هوميروس واليونان من تراث، وأي منطق في أبطالهم وأعمالهم الخوارق وهم آلهة وأنصاف آلهة؟

- ٥ -

(لغتنا لا تماشي المعارف العصرية؛ لأنها قضت شبابها تلابس مجتمعاً أرستقراطياً حربياً عقيدياً) ص ٧٧ (يجب أن تكون لغتنا متمدنة تتسع للتعبير عن نحو مائة وعشرين علماً وفناً لم يكن يعرفها العرب الذين ورثنا عنهم لغتنا) ص ٢٠

أما أن لغتنا متخلفة عن ركب الحياة العصرية فهذا حق، ولكن الوزر علينا؛ لأن اللغة لا تنمي نفسها، وإنما ينميها المتكلمون بها، وقد ركدت حياتنا أحقاباً طوالاً انزوينا فيها عن العالم المتجدد، فلما أفقنا وجدنا في لغتنا قصوراً عن مجاراة الحياة المتجددة، فعلينا أن ننميها بالاشتقاق أو التعريب

وأما اتهام اللغة بأنها وليدة مجتمع أرستقراطي حربي ديني فلم تعد صالحة لحياتنا - فجرأة ودعوى باطلة، فلم تكن الأمة الإسلامية في العصر العباسي الذي يقصده المؤلف

<<  <  ج:
ص:  >  >>