للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هل أدخل في القضية طرفاً ثالثاً على حد تعبير المحامين، وهي قضية خاصة بي برغم قيامها بين السيدة والشاب الأميركي، أو ألزم الصمت وأحترم سجية نفسي وعادات قومي وأسكت عن الكلام مع من لا معرفة لي به. أليس في ذلك تطفل أو تخط للعرف؟ أو ليس هو وسيلة مؤدية إلى التعرف بهذه السيدة الجميلة المغرية؟ أو ليس في ذلك فائدة للوصول إلى ناس يطيب لي أن أحدثهم عن قومي وبلادي وقد لا يعرفون عنهم شيئاً أو يعرفون ما تنقله لهم الدعاية المغرضة، والفكر الاستعماري وجهالة بعض الكتاب الطائشين؟

جالت هذه الخواطر في ذهني والسيدة والرجل ما زالا يتحاوران ويتناقشان. هي تصر على أن عادات قومها مرتكزة على قواعد آداب الاجتماع وهو ينكر أن للآداب الاجتماعية قواعد ثابتة، هي تقول إن قواعدها الفن والذوق، وهو يقرر أيضاً أن مباءات الفن هي معارض النحت والتصوير ودور التمثيل وبعض دواوين الشعراء وكتب الأدباء والروائيين، وأن الذوق مسألة فردية وإحساس ذاتي. هي تغضب من تعمده إهمال ذكر المرأة في أنها الفن كله باعتبار أنها الباعث الأول على استقرار ملكات الفن والإلهام الفني، وهو ينكر عليها بعض دعواها ويؤيد بعضها ويقول: إن المرأة موحية حافزة، وليست هي بشيء في صميم الفن! هي تصرخ قائلة: إنكم معاشر الأميركان لا تتذوقون الحياة إلا عن طريق الدولار؛ وإنكم. . . وإنهم عبدة الدولار فقط. أليس كذلك يا مسيو؟ والتفتت إلي تدخلني في هذا الجدال. كاد يرمج على حين فاجأتني بسؤالها وهو استنجاد بي أكثر منه سؤالاً، ولكني تمالكت نفسي وقلت:

إخال أني كنت السبب في هذا الحوار الذي بلغ بكما إلى هذه النتيجة، فهل تسمح لي سيدتي أولاً أن أحييها وقد آليت في نفسي مجاراة الفرنسيين وتقليدهم ما دمت في بلادهم ثم أدخل في الحوار، لا كفضولي متطفل قد تعرضنه صفاته إلى سماع ما يؤذي إباء النفس، بل كرفيق الطريق الذي يحرس على إبقاء أطيب أثر في نفوس رفاقه؟

هاك يدي. أما أنا فمدام (فرانس) وصديقي هذا مستر (أميركا) وأنت يا صديقنا على هذا القياس من تكون؟

رطبت شفتي بقبلة من يدها البضة وقلت متابعاً على المنوال نفسه: أنا يا سيدتي مستر (إيجبت)

<<  <  ج:
ص:  >  >>