للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عن فرنسا إلا بجذر وتمويه ولذعات خفية وظهور بمظهر الغيرة على موقف مصر بموازية موقف إنجلترا منها بموقف فرنسا في سوريا ولبنان وشمال أفريقية، كما يفعل الأستاذ توفيق الحكيم في (الأهرام) بين آونة وأخرى مع أنه ظل ساكتاً لا يعلن سخطاً ولا نكيراً على سلوك فرنسا الأخير في سوريا، ومع أنه ربما يكون لاستنكار أمثاله من ربيبي فرنسا الأوفياء شيء ولو قليلاً من الاعتبار. حتى إذا ما تحركت إنجلترا بإيقاف تلك (المذبحة الكبرى) تحرك قلمه يغمز ويلمز في مظهر الغيرة على الوطنية المصرية. وهو موقف مكشوف ظاهره الوطنية وباطنه تبرير موقف فرنسا بمقارنتها صنيعها بصنيع إنجلترا في مصر. وما كان أولاه أن يتحرك قبل الآن ليثير الغبار والشرر والنار في وجه الفرنسيين المعتدين الغاشمين على أبناء قومه في المشرق والمغرب، إن كان يدين بالقومية العربية التي يعيش من الكتابة بلغتها. . . أو ليغمز الإنجليز كما يشاء

وأنا بعد أم لمست أخيراً حماسته لفرنسا حماسة نسي فيها أدب الحديث والمناقشة مع بعض الجالسين في إحدى جلسات ندوة لجنة التأليف والترجمة والنشر، ينبغي ألا أصانعه، بل ينبغي أن أكشفه وأكشف أمثاله للعالم العربي ليعرف في ساعة العسرة والأزمات هؤلاء الذين يعيشون معه بأجسامهم فقط. . .

وإني أدعو الأستاذ سيد قطب أن يكشف عن هذا الأثيم الذي جادله في أمر الشرق العربي وفظائع فرنسا فيه، وقال تلك المقالة المنكرة (إذا لم يكن بد للإنسانية من أن تفقد فرنسا أو أن تفقد هذا الشرق العربي فليذهب الشرق العربي إلى الجحيم!) فما ينبغي لنا بعد اليوم أن نبقى على صداقات تنكر الصداقة الأولى التي يعرفها الحيوان قبل الإنسان وهي صداقة الوطن والجنس، فعليه أن يكشف هذا الدخيل الجاهل وهو معافى من قيود الأخلاق في مثل هذه الحال.

المقال الأول

مما لم ينشر في سنة ١٩٤٠

إلى ممثل فرنسا في سوريا ولبنان

كتب الدكتور زكي مبارك إلى جنابكم كتاباً مفتوحاً نشر في العدد من (الرسالة) حاول فيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>