للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بك إلى مخاشنتهم، وكانت الآنسة (سمسم) هذه إحدى الضاحكات، وهل يشاد بناء الزواج على غير قواعد مكينة من الرصانة والجد؟

قال: مصيبتي الكبرى في وجهي المشوه الذي يثير الضحك، ثم ما شأني فيمن يضحكون مني فأسخر بهم فأهملهم للحظة واحدة وأنكرهم كأن لا وجود لهم؟ أما الآنسة (سمسم) فما ضحكت قط مني ولا هزأت بي، كنت أراقبها وأستشف معاني ضحكها، كنت أحس نظراتها تهز مشاعري، وحنوها يظللني كغمامة موسى الكليم، وأن شفقتها علي قد تدفع بي إلى اقتحام الصعاب وتذليلها لأجل إسعادها، وسأسعدها إذا رضيت بي زوجاً لها، سترضى وسأتزوجها.

قلت: أتعرف حكاية الشاب الفلاح مع ابنة الملك التي أحبها؟ قال: لا أعرف الملك والحكايات، بل أعرف حكاية عرشي في قلبي تستوي عليه مليكتي (سمسم).

قلت: (سمسم) هذه هل سألت عنها، هل عرفت أهلها، هل كشفتها الحب، هل عرضت عليها الزواج، هل رضيت بك بعلاً؟

صرخ في وجهي صرخة شعرت بحرارتها تغلب دويها وقال: هذه أمور أترك لك تذليلها، أما أنا فلست براغب فقط بل أريد حتماً الزواج من (سمسم) وسأرغمها على الرضى بي.

عجباً، كيف ترغم فتاة على قبول زواج؟

قال: يا لك من أبله، لقد لمحت شفقتها بي ترتسم في نظراتها، والشفقة عنصر قوي من عناصر الرضى والحب.

قلت أوافقك جدلاً على استنتاجك، ولكن هب أنها ليست على دينك فكيف يكون الحل؟

قال: من منا لا يقدم الدين الإنساني على نواميس الأديان السماوية وكلها في الجوهر واحد؟

قلت: دستور الدولة والعرف.

قال: أستهين بالعرف وبالشرائع التي تحول دون اتحاد قلبين وأدار كتفه وانصرف.

(يتبع)

حبيب الزحلاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>