للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تستحي من نكث عهودها. ولكن بعد سنين أو عشرات السنين يسقط برقع الحياءِ ولا تعود تحترم عهودها. فإذن الفصل السادس من الميثاق لا يضمن السلام (على طول)، أولا يضمنه غداً.

لو كانت نية جميع الدول حسنة وقد خنت من المطامع والمخاوف لكان في إمكانها أن تجعل مجلس الأمن قوة حاسمة لكل خلاف بين الأمم صغيرة وكبيرة.

قد تقول: وكيف ذلك؟

لو قررت الدول المؤتمرة في سان فرنسيسكو أن تضع كل دولة كبيرة وصغيرة على الفور تحت يد مجلس العدل قوات حربية جوية وبرية وبحرية الخ بحيث يفوق مجموع هذه القوات قوة أعظم دولة - كل دولة تقدم بنسبة طاقتها -. ومجلس الأمن يجعل قواد هذه القوات وضباطها من غير جنسها تفادياً للتمرد، وأن يفرق هذه القوات مختلطة في مراكز رئيسية بحيث تكون مستعدة للعمل بسرعة عند الطلب - لو قرر المؤتمر تسليح مجلس الأمن على هذا النحو ونفذ قراره في الحال، إذ يكون أعضاء المؤتمر في حماستهم وإبان شوقهم إلى السلام، لكان مجلس الأمن هذا مجلساً دولياً مسلحاً حقيقة، وكان في إمكانه أن ينفذ قرارات الأكثرية بلا تردد ولا خوف من الشقاق.

ومتى تم للمجلس هذا التسليح العظيم أمكنه أن ينزع سلاح جميع الدول ولا يبقى لها إلا ما هو ضروري لحفظ الأمن الداخلي

على هذا النحو يكون المجلس الدولي مجلس أمن حقيقة، وبه يصان السلام. ولكن ظهر من الميثاق الرسمي للسلم والأمن أن الدول دخلت قاعة المؤتمر وليس في قلوبها صفاء، ولا في ضمائرها نيات طيبة إلى النهاية

لست أتشاءم من مجلس الأمن، هذا الذي تمخض به المؤتمر فهو خطوة أخرى أفضل جداً من جمعية الأمم المرحومة. وإن شبت حرب ثالثة عظمى لا سمح الله بعد عجز مجلس الأمن عن تداركها - وإن بقي يعدها مدنية - فسيكون مجلس الأمن القادم بعدها كما وصفته آنفاً.

وإلى الملتقى.

نقولا حداد

<<  <  ج:
ص:  >  >>