للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنشأت قوة البادية حاولت أن يكون أفرادها من البدو الرحل - وهذه الفئة من العرب أجهلها - بعد مضي أربع سنين أو خمس تمكن هؤلاء الجهلاء من القيام بقسم النقل الميكانيكي لتأمين مواصلات القوة كما تعلموا استعمال المدافع الرشاشة؛ وهم الآن يتدربون على إجراء المخابرات اللاسلكية. إن عددا من هؤلاء أرسل إلى مشغل فورد بالإسكندرية ودرسوا جنبا لجنب مع إيطاليين ويونان ومصريين وجنسيات أخرى وعادوا يحملون كغيرهم شهادات فنية في (الميكانيك). ولقد قرأت حديثا في كتاب أن البدوي يذبل ويموت - كالهنود الحمر - عند احتكاكه بالمدنية. فعدا عن خطل هذا الرأي أقرر بأن البدوي - إذا ما أعطي الفرصة - يمكنه أن يصبح متحضرا ومدنيا بكل ما في هاتين الكلمتين من معان.

انقسام الشعوب العربية:

إن الصعوبة التي يواجهها العرب الآن هي عدم التجانس. وقد سبق أن قلت إن سوريا والعراق معرضتان للمؤثرات الخارجية من جهة، وللتأثير العربي الخالص من جهة أخرى. وقد كانت تقوم في أواسط هذه الأقطار وعلى الأخص سوريا وفلسطين وشرق الأردن منافسة شديدة بين ثقافات متباينة. وقد ظهرت هذه المنافسة جلية واضحة بسبب تشدد الأمم الأوربية في مسألة القوميات.

لقد كان ظهور القومية في أوربا سببا في ظهور القومية العربية. ومثل هذه الفكرة كانت مفقودة في زمن الإمبراطورية العثمانية عندما كان العرب لا يعرفون قضية كهذه قبل ٥٠ سنة. لقد كان الولاء زمن الإمبراطورية العثمانية ولاء دينيا لشخص الخليفة أو للإمبراطورية نفسها التي كانت خليطا من أجناس متعددة. وقد كان العرب لا يهتمون بالقضية القومية حتى احتكوا بالأقوام التي حافظت على قوميتها فقاموا ينادون بأنهم أمة واحدة ذات قومية خاصة. وقد كان عرب فلسطين وهم مختلفو الجنسية والدين ينادون بأنهم عرب واتحدوا. ومن ثم بعد أصبحوا يفهمون القومية شعروا باشمئزاز مما يتخيلونه أو يتحققونه من استخفاف الشعوب الأخرى بأمرهم - والخطوة التي تلت ذلك أن الشباب المتعلم قام يعمل ليتعرف إلى الأسباب التي مكنت الأوربيين من حكم بلادهم فوجدوها العلم والمال والقوة، أو بالأحرى ما هو عليه المجتمع الأوربي الحالي، فقام يقتبس كل ما هو أوربي ويعمل على السير وأوربا في مضمار واحد. إن أمام هذه الفئة طريقين مختلفين:

<<  <  ج:
ص:  >  >>