للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الجو. فلكل زمن تفكيره وتعبيره. ولا مناص من تغيير التعبير إذا تطور التفكير.

نحن اليوم في جيش لجب من الأدوات والآلات. ولا غنى لنا عن أسماء لها انظر كم أداة في الأوتومبيل وفي المطبعة ولا سيما مطبعة الروتاتيف وفي الباخرة والبارجة والقاطرة الخ. لكل هذه الأدوات أسماء وضعها لها مخترعو الأدوات. ولم يكن عند أسلافنا لا أوتوموبيل ولا مطبعة ولا بارجة ولا قاطرة. إذاً فليس في لغتنا أسماء لهذه الأدوات. فإذا بحثنا في لغتنا عن لفظة تليق للاوتوموبيل كسيارة مثلا فنكون قد غيرنا معنى السيارة القديمة كما أننا غيرنا معنى القطار القديم. فالتغيير لا بد منه للتطور ولذلك بعد الجديد عن القديم وصار لكن زمار لغته.

إذا كنا كلما استجد معنى استعرنا له لفظاً في القديم التبس جديدنا بقديمنا ولاسيما إذا كان المعنى القديم نفسه قد وضع على الرف.

اللولب في السدم اللولبية أو الحلزونية الشكل يستعمل بدل البرغي، هذا جديد وذاك قديم ولكن هذا درج على الألسن وذاك أهمل. وللبرغي حامولة. فإذا سألنا اللغوي أن يأتينا بلفظ عربي للحامولة فماذا يختار.

أجل لغتنا غنية بالكلم. غنية جداً. ولكنها كانت لغة العرب منذ عرشين أو أربعين قرناً فلم تعد تسعنا الآن. لغتنا غنية بالكلمات الصالحة للأدب والشعر ولكنها فقيرة جداً بالكلمات الصالحة للعلوم الحديثة كالكيمياء والبيولوجيا وما تفرغ منها والصالحة للفنون الآلية. فإذا أصررنا على اختيار لفظ لكل ما جد في هذه وهو لا يحصى بالألوف بل بمئات كنا نفصل أثواب المعاني القديمة القليلة ألوفا من الملابس للمعاني الجديدة. وهو مستحيل لأننا نرى حينئذ القديم والجديد كليهما عاريين.

إذاً فلابد من أن نقتبس الكلمات الأجنبية الجديدة للأشياء التي اقتبسناها. ويكفي أن نطوعها للصياغة العربية ما أمكن. فنقتبس كلمة الأسبيرين كما أخذنا الأسبيرين من الغرب. ونقبل كلمة ياقة التي درجت على ألسنتنا لأن كلمة طوق لا تقوم مقامها لأنها تلتبس بالقلادة.

أعني لابد من توسيع صدر اللغة لقبول بعض الكلمات الأجنبية التي جدت لأشياء جديدة لكي تجاري روح العصر. وإذا أخذنا البحث في لغتنا عن كل كلمة قديمة لكل معنى أو شيء جديد كنا لا نزال نلتفت إلى الوراء ونتمسك بأهداب القديم ونصر على البقاء حيث

<<  <  ج:
ص:  >  >>