للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم حدثت بعد ذلك صلاة الغداة). . وكان الرسول يخرج إلى الكعبة في أول النهار فيصلي صلاة الضحى وكانت صلاة لا تنكرها قريش، وكان هو وأصحابه إذا جاء وقت العصر تفرقوا في الشعاب فرادى ومثنى فيصلون صلاة العشي) ويظهر من هذه الرواية الأخيرة أن صلاة الضحى كانت وقت الضحى لا قبل الشروق).

من الممكن إذاً تعيين صلاتين قبل فرض الصلوات الخمس: صلاة الغداة وإن شئت فسمها (صلاة الصبح وهي صلاة كان يؤديها النبي حين قيامه من الفراش وقبل شروق الشمس، وصلاة العشي وإن شئت فسمها صلاة الغروب وهي قبيل غروب الشمس. وإذا ما وافقنا أكثر المفسرين على رأيهم من أن صلاة الظهر هي الصلاة الوسطى وهي وسط بين صلاتين فتكون بذلك قد عينا ثلاث صلوات هي الصلوات الأولى في الإسلام. ولا شك في أن الصلاة الوسطى وهي صلاة الظهر متأخرة نوعاً ما بالنسبة إلى الصلاتين.

قلنا إن الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) ولكن سورة البقرة وهي السورة التي ذكرت فيها هذه الآية مدنية لا آية ٢٨١ فإنها نزلت بمنى وهذا مما لا يتفق وما ذهبنا إليه، لأن ذلك يدل على أن فرض (الصلاة الوسطى) كان بالمدينة أي بعد الإسراء؛ فإما أن تكون الآية مكية ولكنها حسبت مدنية وتكون الصلاة الوسطى حينئذ قد فرضت بمكة فلا تحتاج المسألة عندئذ إلى تفكير، وأما أن تكون مدنية فتحمل الآية حينئذ محمل الأمر والتذكير بشيء سابق لا نستطيع تعينه بالضبط.

ذكر المفسرون بأن المقصود من الآية (حافظوا على الصلوات) الصلوات الخمس، وهذا طبعا هو تفسير المفسرين لأن الآية صريحة كل الصراحة لم تعين العدد. وإنما ذكروا العدد ليوفقوا بين حديث الإسراء وبين هذه الآية، ولكن ما الذي يمنع إذا ذهبنا مذهباً آخر جديداً هو أن الصلوات الخمس لم تتم بهذا الشكل المألوف إلا في المدينة وإلا بعد الهجرة، ولان كثيراً من الأحكام لم تأخذ شكلها النهائي إلا في المدينة؛ وبذلك يتيسر لنا شرح الآية بدون حاجة إلى تأويلات بعيدة لا طائل تحتها كما حاول ذلك المفسرون الذين حاروا في تعليل العطف الذي جاء بعد (حافظوا على الصلوات) فبعد أن قالوا أن المقصود من الصلوات، الصلوات الخمس اعترضهم اعتراض هام هو أن الصلاة الوسطى هي صلاة مهما قيل في

<<  <  ج:
ص:  >  >>