للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رضيت (مدام دي برسي) بصحبة (مدام بنارد) المدبرة الكهلة التي أقامت في القصر منذ بنائه. . . وكانت موضع تبجيل الجميع. . . فلم تكن بالخادمة. . . لقد ربت (مسيو دي برسي) وعنيت بنشأته. . . وما لبثت أن توثقت عروة المودة بين (مدام دي برسي) وبينها. . . لأن هذه العجوز كانت مع شعرها الأبيض وثوبها البسيط الأسود ذات روح طيبة مرحة ونفس مجربة مدبرة. . .

نهضت (مدام دي برسي) مع السيدة العجوز لتتجول في أنحاء القصر فقادتها إلى غرفة بالطابق الثالث. . . وقالت وهي تدفع بابها: (إني أرجو أن أطلعك على كل ما كان يمت إلى زوجك العزيز (مسيو دي برسي) في صباه؛ فهذه هي غرفة لعبه ونومه) وجذبت باباً لصوان عتيق مكتظ باللعب المختلفة وقالت: (هذه كانت لعبه عندما كان لا يزال دارجاً صغيراً).

ثم راحت تستعيد أغوار الماضي السحيق وتقول في صوت خفيض: (انظري، يا سيدتي. . . لقد كانت له عروس صغيرة يعبث بها ويقبلها ويقول: سيأتي اليوم الذي أتزوجك فيه يا عروستي. لقد كان على خطأ بلا شك، فعنده اليوم زوجة ما كان يخطر له أن يقترن بها) فلم تنبس (مدام دي برسي) ببنت شفة!. . وعادت (مدام بنارد) تقول (إن هذا يثير كوامن نفسك بلا شك!) - (نعم. . . يا مدام بنارد!) فتمادت السيدة العجوز في عرض كل ما كان يخص (مسيو دي برسي) في غرفة نومه. . . وكانت كثيراً ما يتشعب بها الفكر فتذكر اسمه القديم (لويس) فتعجبت (مدام دي برسي) من جهلها بهذا الاسم مع زواجها بصاحبه. . ثم شاهدت غرفة دراسته وكتبه وكراساته، وتناولت (مدام دي برسي) إحداها من المرأة العجوز التي كانت تقول في شوق وشغف (انظري!. . كم كان خطه جميلا عندما كان صبياً. . .) وقرأت (مدام دي برسي) في إحدى الصفحات عبارة بخط كبير (أين هو الحب؟!) ثم قالت (أود أن أخرج لأتنسم الهواء، فإني اشعر بدوار. . .)

مضتا في صمت إلى الحديقة. . . وكان نسيم البحر يلطف من جوها ويصفر في أنحاء الغابة الصنوبرية. وراحت السحب تمضي على مهل في صفحة السماء. . .

بلغت المرأتان شفير بحيرة تسبح في مائها الأزرق السابي بجعتان ناصعتا البياض تسميان: (جوبتر) و (جالو). . . فغمغمت مدام بنارد قائلة: (هذه هي البحيرة التي كان يقطعها سابحاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>