للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الفسطاط]

كيف اختير مكانها؟ ولم سميت بهذا الاسم؟

للأستاذ جمال الدين الشيال

يستطيع القارئ لأخبار الفتح العربي لمصر أن يلمح في يسر ووضوح أن الحرب لم تكن قائمة إلا بين العرب والروم، وأن القبط قد وقفوا من الجيشين موقف المحايد، وإن كانوا في سرائرهم يتمنون النصر للعرب لما سمعوه عنهم من حسن السياسة وطيب المعاملة، ولهذا استمر الروم يدافعون عن مصر وراء حصن بابليون سبعة أشهر طوالا، والعرب يستمدون من الحماسة الدينية والإيمان قوة لا تأبه للعقبات، وصبراً لا يعرف الملل.

ولما سقط هذا الحصن في أيدي العرب زالت من طريقهم أكبر عقبة من عقبات الفتح، وتراجع الروم إلى الإسكندرية فتبعهم المسلمون وحاربوهم حتى استولوا عليها؛ وبسقوط العاصمة الرومانية في أكتوبر سنة ٦٤١م. تم فتح العرب لمصر فانتشروا في ربوعها حتى وصلوا إلى الشلال الأول، وبذلك أصبحت مصر ولاية من ولايات الخلافة الإسلامية.

عمرو يريد أن يتخذ لمصر عاصمة

روى أبن الحكم عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو ابن العاص لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها مفروغاً منها، هم أن يسكنها وقال: (مساكن قد كفيناها). فكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستأذنه في ذلك، فسأل عمر الرسول: (هل يحول بيني وبين المسلمين ماء؟) قال: (نعم يا أمير المؤمنين إذا جرى النيل)، فكتب عمر إلى عمرو: (إني لا أحب أن ينزل المسلمون منزل لا يحول الماء بيني وبينهم فيه شتاء ولا صيفا)

قد تبعث هذه الرواية على التساؤل: لم كان عمر يخشى الماء؟ يقول بعض المؤرخين: إن العرب لم تكن أمة بحرية، وبذلك أبى بعد النظر على عمر أن يلقي بجنود المسلمين في مكان يفصل بينه وبين المدينة ماء، حتى لا يكون هذا الماء إذا حزبهم الأمر حائلا بينهم وبين الوصول إلى مركز قوتهم، وإذا أراد الخليفة أن يبعث إلى جنده بمصر مدداً لم يكن هناك ماء يعترض سبيل هذا المدد ويمنع وصولهم.

وقد ذكر السيوطي في حسن المحاضرة أن ابن عبد الحكم قد أخرج عن يزيد بن حبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>