للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ذلك أن انطلاق طاقة يمكنها تبخير قدر كبير من الماء لحظة واحدة يضع في وجه المهندس الفني مشاكل معقدة متعددة. أضف إلى ذلك أن الإشعاعات التي تتحرر كما تتحرر الحرارة من ذبذبات الانشطار المتكرر بين جزئي النواة مجهولة الأثر في معدن الآلة التي تحتوي على العنصر الفعال.

تدور في ذهني مجالات استخدام الطاقة الذرية بعد السيطرة عليها فأرى منها تدفئة المنازل وتوليد البخار والحصول على انفجار معتدل في أسطوانة كما في آلة الاحتراق الداخلي، واستعمال عاصفة القوة في محركات الدسر أو تدوير المراوح. . . وفي كل هذه الإمكانيات يجب الحصول على قدر ضئيل من العامل المتفجر ثم توزيع الطاقة الموضعية المنطلقة حتى يكون مقدارها عملياً في حيز محدود دون أن تحدث كارثة.

ومن يدري فربما يجيء استثمار الطاقة عن طريق أخرى. فمنذ ٣٠٠ سنة اكتشف البارود أول متفجر حربي، وبذلت محاولات جمة لتشغيل آلة بقوته ولكنها فشلت، غير أن هذا لم يحل دون أن يستعمل نوع آخر من المتفجرات لتسيير كل آلات الاحتراق الداخلي وهو مزيج من بخار البترول والهواء أو ما يشبه المزيج لأننا نستطيع ضبطه والتحكم فيه بسهولة، فمن الممكن أو المؤكد، كما يخيل لبعض الناس، أننا سنكتشف تفاعلات ذرية تستمر وتمتد بنفسها وتكون السيطرة عليها والتصرف بها أكثر سهولة ويسراً.

نحن أمام كيمياء جديدة ستبتدئ. فالكيمياء القديمة المعروفة في الكتب المدرسية تبحث الذرات واتحاد الذرات كاملة غير مجزأة. أما الكيمياء الجديدة فستبحث نوى الذرات وبنائها وفلقها. ومع أن عدداً قليلا من الدقائق يكمن في نوى الذرات إلا أن سلوكها فرع جديد من العلم. وسترى السنون القليلة المقتبلة نتائج مدهشة جديدة باهرة.

ليست مشكلة استثمار الطاقة الذرية جديدة إذ انطوت عليها أدمغة العلماء منذ أن بين رذرفرد وأتباعه أن النواة مخزن للطاقة ينتظر طرق التحرير المناسبة.

وفي سنة ١٩٢٧ كتبت (إن دراسة النواة كيمياء وفيزياء جديدتان نطرق بابهما اليوم. . . حقيقة هذا العلم يبحث أصغر الأجسام التي يتصورها العقل. ولكنه سينتج منبعاً للطاقة يبذ كل مناجم الفحم في العالم. . . فهل نستطيع تحرير هذه الطاقة بكميات وافرة وافية، وإذا استطعنا فهل نستطيع ضبطها والتحكم بها؟) لقد أجابت الأيام عن السؤال الأول بالإيجاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>