للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سجون بغداد]

زمن العباسيين

للأستاذ صلاح الدين المنجد

- ٣ -

ويمعن أبو يوسف في تصوير هؤلاء العامة من السجناء فقول: وأغنهم عن الخروج في السلاسل يتصدق عليهم الناس؛ فإن هذا عظيم أن يكون قوم من المسلمين قد أذنبوا وأخطئوا، وقضى الله عليهم ما هم فيه فحبسوا، يخرجون في السلاسل يتصدقون. وما أظن أهل الشرك يفعلون هذا بإسارى المسلمين الذين في أيديهم، فكيف ينبغي أن يفعل هذا بأهل الإسلام؟ وإنما صاروا إلى الخروج في السلاسل يتصدقون لما هم فيه من جهد الجوع.

ولقد بلغني، وأخبرني به الثقات، أنه ربما مات منهم الميت الغريب فيمكث في السجن اليوم واليومين، حتى يستامر الوالي في دفنه، وحتى يجمع أهل السجن من عندهم ما يتصدقون، ويكترون من يحمله إلى المقابر فيدفن بلا غسل ولا كفن ولا صلاة).

وقد نجد في كتب الأدب والتاريخ، نبذاً عما كان يفعل بخواص المسجونين إذا دخلوا السجن. كانوا ينزعون عنهم ثيابهم فيلبسون غيرها، ثم يقيدون، ويقدم لهم طعام خاص:

حدث ابن وهب قال: أخذني اسحق (بن إبراهيم) فقيدني بقيد ثقيل، وألبسني جبة صوف. فأقمت كذلك نحو عشرين يوماً، لا يفتح عليه الباب إلا مرة واحدة في كل يوم وليلة، ويدفع لي فيها خبز شعير وماء حار).

وحدث سليمان بن وهب قال: (كنت في يدي محمد بن عبد الملك يطالبني وأنا منكوب، وكان يحضرني كل يوم وأنا في قيودي، وعلي جبة صوف).

وذكر يعقوب بن داود قال: (حبسني المهدي. . . في بئر. . . وكان يدلي إلي في كل يوم رغيف وكوز ماء. . .) ولما سجن ابن عبد الملك أمر بتقييده فقيد، ولم يأكل في طول حبسه إلا رغيفاً واحداً. وكان يأكل العنبة والعنبتين).

وقيد جعفر بن يحيى في حبسه بقيد حمار قبل أن يقتل ثم ضربت عنقه.

وسأل الرشيد جعفر بن يحيى يوماً ما فعل بيحي بن عبد الله؟ قال بحاله يا أمير المؤمنين:

<<  <  ج:
ص:  >  >>