للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حسوة من ماء البئر فمنعوه منها، ثم جصصوا سرداباً بالجص السخين وأدخلوه فيه وأطبقوا عليه فأصبح ميتاً).

وقد كان يحدث القتل وضرب الأعناق. وأورد التنوخي قصة قتل نوردها بكاملها، قال: (حدثني عبيد الله بن أحمد بن الحسن. . . وكان خليفة أبي علي على الفتيا بسوق الأهواز بإسناده عن القاضي أبي عمر قال: لما جرى من أمر عبد الله بن المعتز ما جرى حبست وما في لحيتي شعرة بيضاء، وحبس معي أبو المثنى القاضي، ومحمد بن داود بن الجراح في دار واحدة، في ثلاثة أبيات متلاصقة. وكان بيتي في الوسط؛ وكنا آيسين من الحياة وكنت إذا جن الليل حدثت أبا المثنى تارة، ومحمد بن داود تارة. وحدثاني من وراء الأبواب. ويوصي كل واحد منا إلى صاحبه، ونتوقع القتل ساعة بساعة. فلما كان ذات ليلة، وقد أغلقت الأبواب، ونام الموكلون؛ ونحن نتحدث من بيوتنا إذ أحسسنا بصوت الأقفال تفتح. فارتعنا، ورجع كل منا إلى صدر بيته. فما شعرت إلا وقد فتح البواب على محمد بن داود، وأخرج، وأضجع على المذبح فقال: يا قوم ذبحاً كما تذبح الشاة؟ أين المصادرات؟ أين أنتم من أموالي أفتدي بها نفسي. فما التفتوا إلى كلامه، وذبحوه وأنا أراه من شق الباب، وقد أضاء السجن من كثرة الشموع، وصار كأنه نهار. واحتزوا رأسه فأخرجوه معهم، وجردوا جثته، وطرحت في بئر الدار وغلقت الأبواب. (قال) فأيقنت بالقتل، وأقبلت على الصلاة والدعاء والبكاء، فما مضت إلا ساعة واحدة حتى أحسست بالأقفال تفتح؛ فعاودني الجزع، وإذا هم جاءوا إلى بيت أبي المثنى ففتحوه وأخرجوه وقالوا له: يقول لك أمير المؤمنين، يا عدو الله، يا فاسق بم استحللت نكث بيعتي وخلع طاعتي؟ فقال. لأني علمت أنه لا يصلح للإمامة! فقالوا: إن أمير المؤمنين قد أمرنا باستتابتك من هذا الكفر، فإن تبت رددناك إلى محبسك، وإلا قتلناك. فقال أعوذ بالله من الكفر، ما أتيت ما يوجب الكفر. فلما أيسوا منه مضى بعضهم وعاد فأضجعوه وذبحوه وأنا أراه، وحملوا رأسه وطرحوا جثته في البئر. فذهب علي أمري، وأقبلت على الدعاء والبكاء والتضرع إلى الله. فلما كان وجه السحر سمعت صوت الأقفال، فقلت: لم يبق غيري وأنا مقتول. فاستسلمت وفتحوا الباب فأقاموني إلى الصحن، وقالوا: يقول لك أمير المؤمنين: يا فاعل ويا صانع، ما حملك على خلع بيعتي؟ قلت: الخطأ وشقوة الجد. وأنا تائب إلى الله عز وجل من هذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>