للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المعهودة. . .

على أن هناك واقعة تاريخية لا سبيل إلى الجدل فيها: هي أولئك الذين آمنوا، أو كثرتهم التي لا يتخلف عنها إلا أفراد. وهؤلاء لم ينتظروا من يفلسف لهم الأدلة، حتى يؤمنوا بالمنطق الذهني؛ إنما هم استراحوا إلى نصوع هذه العقيدة ونفاذها إلى نفوسهم من شتى منافذها، فآمنوا مطمئنين!

أما القضية الأخرى التي يجادلني فيها الأستاذ، فهي قضية التصوير الفني في القرآن. . . وهي أيسر وأوضح من القضية الأولى

فأما أنا، فرأيي أن إدراك التصوير القرآني في هذا المستوى المعجز إدراك لسر الإعجاز في تعبير القرآن.

وأما هو، فيرى ألا أذكر كلمة الإعجاز هذه، لأن هذا السر يجب أن يبقى مجهولا أبداً حتى يتحقق له وصف (الإعجاز)

ولقد قلت من قبل، وأكرر اليوم: إنه ليس من الحتم أن يكون الأمر المعجز هو المجهول السر، فيكفي ألا يستطيعه أحد مع

التحدي. ولم يستطع أحد أن يرقى إلى مستوى التناسق الفني في هذا التصوير، فإدراكه إدراك لسر الإعجاز - على الأقل في هذا الأوان، وليس ما يمنع من ظهور أسرار أخرى غير ما ظهر منها حتى الآن -

على أنني كنت دقيقاً في التعبير، فلم أقل سر الإعجاز في (القرآن) إنما قلت: سر الإعجاز في (تعبير) القرآن. وفرق كبير ما بين العبارتين. فالإعجاز في القرآن شائع، وشامل لتعبيره ومنحاه وقضاياه. . . الخ

غير أن العجيب في الأمر أن الأستاذ عبد المنعم الذي يريد أن يعهد إلى الذهن البشري بقضية العقيدة كلها، لا يأتمن هذا الذهن على إدراك سر من أسرار الإعجاز في تعبير القرآن.

وكلمة أخرى تتصل بالجدل وإن تكن ليست منه:

لقد شكا الأستاذ عبد المنعم من عبارات جاءت من غير قصد في ردودي، فأحب ألا يكون في نفسه منها أثر، ليظل هذا الجدل العلمي المفيد بعيداً عن جميع المؤثرات

<<  <  ج:
ص:  >  >>