للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مستساغة)

ولزام أن نعمل عملا شاقاً لخلق الأصدقاء والحفاظ عليهم كما يعمل عملا شاقاً في أشغالنا.

ولقد اعتاد (شبيبيو) أن ينهي شكواه بقوله إننا نألم لكل شئ إلا للصداقة. وإن كل واحد يستطيع الإخبار بما عنده من الغنم والمعز، ولكنه غير مستطيع الإخبار بعدد أصدقائه، وذلك لأن الناس يلاقون المشاق في الحصول على الأوليين، ولكنهم لا يبالون باختبار الآخرين)

غير أنه قبل أن تعاهد صديقك يجب أن تكون حريصاً عليه (تستطيع أن تحب صاحبك بعد ما تمدحه، ولكن لا تثن عليه بعد أن تبدأ في حبه)

ثم ماذا يقول عن أصدقاء المدرسة عهد الطلب والتلمذة؟

والقاعدة في الصداقة أنها تكون بعد استقرار القوة وثباتها في السن والعقل، حتى الرجال الذين كانوا يكرسون حياتهم للصيد واللعب لا يحتفظون بأخلائهم في ذلك الطور إلا لأنهم مغرمون باللعب معهم)

وهب أن الرجل الذي تصاحبه يبدو في طور لا تستطيع معه أن تعايشه طويلا.

(روابط مثل هذه الصداقة لا بد أن تحل بارتخاء تدريجي في التوادٌ - والانحلال أولى من التمزق. ولزام أن تتخذ الحيطة لئلا يظهر أن الصداقة لا تطرح جانباً فحسب، وإنما تنمو مكانها العداوة الصريحة، ذلك لأنه ليس شئ أشد خزياً من أن تكون في حرب مع الشخص الذي قضيت معه مرة أويقات ود وصفاء)

ومع كل أخطار الاختيار الأرعن كانت نصيحة شيشرون (داوم على اصطناع أصدقاء جدد) ويتساءل: (هل الأصدقاء الجدد الذين يستحقون الصداقة يكونون مفضلين في أي الأوقات على الصدقان القدامى؟) وهنا يشٌبه الصديق القديم بالخمر المعتقة التي تحسن مع الزمن، (والصداقة القديمة لا بد أن تكون أعظم إسعاداً، على أن الصداقة الحديثة لا تحتقر إذا هي أبدت الأمل في طلع نصيج، كالعساليج الخضر التي لا تخفق في إظهارنا على أوان الحصاد)

أما هؤلاء الذين يظنون أنهم يستطيعون العمل بغير صداقة أو مودة، أو يقدرون على المسير على طول الطريق اعتماداً على مجرد المعرفة فيقول لهم شيشرون: (إذا كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>