للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المجتمعات التي يحيد الناس فيها عن جادة الصواب فيجد الوعاظ عندئذ مجالا لدعوتهم ومحلا لعظاتهم، فلا يكاد الزائر يسمع هناك إلا الخطب التي تلقى في الحرمين والمساجد الأخرى في الجمع والأعياد.

وقد كان الارتجال غير معروف إلى عهد قريب في الحجاز، ولكن العهد السعودي الذي شمل كل ناحية بالقوة خلق في الناشئين من الخطباء الاعتداد بالنفس فارتجلوا في المناسبات الاجتماعية خطبا لها مكانتها الأدبية.

ولا بد لي أن أشير هنا في هذه الكلمة إلى أثر (المذياع) في الخطابة، فهو - وإن توهم بعض الناس انه قليل الخطر - ذو أثر فعال في هذا الفن من الأدب، فقد كان في السنين الأخيرة حلقة الاتصال بين لهجات الشرقيين: في النطق والمواقف ومقاطع الكلام، ولهذا تجد المحدثين من خطباء الحجاز يتأثرون الخطباء المصريين في مواقفهم وطرائقهم، على حين تجد القدامى منهم يختلفون عنهم في الأداء واللهجة، وما ذلك إلا لأن الحديثين نشئوا يستمعون إلى خطباء مصر فقلدوهم وتأثروا خطاهم، ولم يستطيع القدامى مجاراتهم في هذا السبيل بعد أن سلخوا عهداً طويلاً وهم على طريقتهم الأولى.

الصحافة:

لم يكن للصحافة خطر كبير قبل العهد السعودي وإن صدر بعضها قبله، فلما كانت الحياة الجديدة في ظل جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، نشطت حركتها وأخذت تناضل في سبيل الأدب والإصلاح الاجتماعي، فكان يصدر منها إلى عهد قريب صوت الحجاز وأم القرى والمدينة المنورة وغيرها، وكان بجانب هذه الجرائد بعض المجلات التي تتناول الموضوعات العلمية والأدبية كمجلة المنهل لصاحبها الأستاذ عبد القدوس الأنصاري، وقد قرأت حديثا في كتاب (ماذا في الحجاز) للأستاذ محمد أحمد جمال أن هذه الصحف قد عطلت بسبب غلاء الورق ولم يبق منها إلا جريدة (أم القرى) وهي لسان حال الحكومة السعودية.

وكانت هذه الجرائد والمجلات مع اجتهاد أصحابها المحمود وعنايتهم المشكورة لا تزال بادئة ناشئة: فالجرائد لا تصدر إلا كل أسبوع أو نصف أسبوع والمجلات لا تصدر إلا كل شهر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>