للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب]

للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- ٢٤ -

ج١٤ ص ٨٤: قال (علي بن عيسى الرّبَعي: أخرج إليََّ عضد الدولة بيده مجلداً بآدم مبطناً بديباج أخضر مذهباً مفصولاً بالذهب بخط أحسنَ، فيه شعر مدبّر وحسن ليس له معنى، فقال لي كيف ترى هذا الشعر؟ فقلت: شعر مدبّر والذي قال خرب البيت، مسود الوجه. ثم يمضي على ذلك زمان ودخلت إليه، فأومأ إلى خادم وقال له: أمض إلى مرقدنا وجئنا بشعرنا، فمضى وجاء بالمجلد بعينه، وهو هو، فأبلست، فقال: كيف تراه؟ وتلجلج لساني وربا في فمي فقلت: حسناً جيداً.

قلت: (بخط حسن أو محسّن).

(فيه شعرُ مدْبِر ليس له معنى) أو (شعرُ مُدْبِرُ)

(فقلت شعر مدبر والذي قاله خرب البيت).

ومدبر متأخر متخلف، والأدبار نقيض الإقبال وأدبر أمر القوم: ولى لفساد كما في اللسان.

ويظهر من خبر رواه أبو البركات الأنباري في (نزهة الالباء في طبقات الأدباء) ص٤١٥ أن الربعي كان يستعمل هذا الوصف - أعني مدبرا - لكل ضعيف متأخر في صناعته، قال:

كان (الربعي) مبتلى بقتل الكلاب، فيحكى أنه اجتمع هو وأبو الفتح بن جنى يمشيان في موضع، فاجتازا على باب خربة، فرأى فيها كلباً، فقال لأبن جني: قف على الباب، ودخل فلما رآه الكلب يريد أن يقتله هرب، ولم يقدر ابن جني على منعه، فقال له الربعي: ويلك يا ابن جني! مدبر في النحو، ومدبر في قتل الكلاب. . .

قلت: قول الربعي لأبن جني - وهو يداعبه - مدبر في النحو - طرفة الطرف، ويا ليت أنه قال مدبر في التصريف حتى يجئ كلامه أعجوبة. . .

في يتيمة الدهر للثعالبي:

كان (عضد الدولة) على ما مُكن له في الأرض، وجُعل إليه من أزمة البسط والقبض، وخُص به من رفعة الشأن، وأوتي من سعة السلطان يتفرغ الأدب، ويتشاغل بالكتب،

<<  <  ج:
ص:  >  >>