للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ألسنتها إلى دمشق فمدينة حماه. جن جنون الفرنسيين، فأمر قائدهم الأرعن الأعلى بإطلاق المدافع تدك قذائفها أحياء دمشق، وأنطلق أجناد الجيش في (حماه) يمعنون في قتل الناس وإحراق بيوتهم ومزارعهم. كانت أخبار الثورة في كل ميدان تصلنا بالميعاد، عرفنا بما حل بحملة الجنرال (ميشو) وكيف مزقها أبطال الدروز شر تمزيق، وعرفنا أيضاً بفزع زهرة شبان دمشق من طلاب المدارس العليا يلتحقون بثوار الغوطة، وهكذا كانت أخبار إخواننا الثائرين في داخل البلاد من نساء ورجال، وأخبار رجال السياسة منا البعيدين عن مواطن الخطر تصلنا منبئة بقيامها كلها متساندة متضافرة تعمل لجعل هذه الثورة هي الأخيرة للخلاص التام من حكم الأجنبي المستعمر.

عملت ما في وسعي لأقنع الأجناد الوطنيين تحت إمرتي أن نهرب بسلاحنا وميرتنا للالتحاق بإخواننا المجاهدين لتحرير الوطن وقبل انبلاج الصبح كانت دوابنا المثقلة بالأحمال على بضعة كيلومترات من مرابط الثوار، والفضل في هربنا يعود إلى زملائي الضباط الذي أثقل (الحشيش) أدمغتهم تلك الليلة. . .

. . . في منتصف ليلة من الليالي، سرنا بطوائف منظمة من الثوار نقطع الطريق على حملة من الفرنسيين جاءت لتطويقنا من ناحية الشمال. بلغنا الموقع الذي قدرت أن الواقعة ستقع فيه، ووزعت رجالي توزيعاً يوهم العدو بكثرة عددنا، وأوصيت بعدم الإسراف في إطلاق الرصاص ليكون متواصلا، ووقف في مكان مرتفع مع بعض زملائي نرقب الموقعة ونديرها. لم أر ولم أسمع في حياتي عن موقعة التزم رجالها ضبط النفس والعمل بإقدام وشجاعة وحزم كتلك الموقعة التي كانت كأن الصخور والمتاريس وأكوام الحجارة، هي التي تصد قنابل المدافع، وهي هي التي تتفجر فتطلق النار فتصيب الهدف، وكأن رجالنا الأبطال ليسوا من لحم ودم، بل قدر محتوم ينزع أرواح المستعمرين الخ.

حبيب الزحلاويس

<<  <  ج:
ص:  >  >>