للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الكذب والنسيان]

كما يراهما (أبو العلاء المعري)

للأستاذ كامل كيلاني

١ - آفة الأخبار

المعري أديب محقق، وراوية ثبت، ومؤرخ نافذ البصيرة، وناقد منصف، يستخدم كل ما وهبه الله من ميزات باهرة، وثقافة شاملة نادرة، في سبيل الوصول إلى الحقيقة، وتحليتها مما يكتنفها من الأستار والحجب، وإماطة اللثام عما يعترض الباحثين عنها من الشكوك والريب.

يقول الشاعر:

(همُ نقلوا عني الذي لم أفه به ... وما آفة الأخبار إلا رواتها)

٢ - آفة الرواة

وآفة الرواة - فيما يرى أبو العلاء - شيئان: الكذب والنسيان. فلا غرو إذا ضجر بهما، وعرض لهما في كثير من المناسبات، واحتفل لهما ما شاء له أدبه وخياله، وأتى في الحديث عنهما بالشائق المعجب.

٣ - قتل الفكرة

فهو إذا فزّعه من الموت أنه يبيد الجسم الذي لا يعنيه منه إلا أنه سياج الروح وهيكلها، فزّعه من الكذب أنه قتل للفكرة وإضاعة للحقيقة التي يبحث عنها جاهداً، وفزعه من النسيان أنه قتل للعقل الذي يعتز به ولا يعدل به شيئاً. قال: أصبحت في بيت مدر لا أملكه، كبيت قريض استدراكه، اشتمل عليه النسيان فهو مهلكة.

٤ - تمنى الموت

على أنه قد يتمنى الموت أحياناً، لأنه يريح الإنسان من آلام الحياة، ويريح الجسم من أذيتها، ويغني صاحبه عن حاجات الدنيا فيقول:

العيش أفقر منا كل ذات غنى ... والموت أغنى بحق كل محتاج

<<  <  ج:
ص:  >  >>