للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويسال المرقش الأكبر عن الأبيات التي يرويها له بعض الناس:

(تخيرت من نَعمانَ عُودَ أراكة ... لهند، ولكن من يبلغه هِندا

خليلي جوزا - بارك الله فيكما ... وان لم تكن هند لأرضكما قصدا

وقولهما لها:

ليس الضلال أجازنا ... ولكننا جُزنْا لنلقاكم عمدا)

ويقول له: ولم أجدها في ديوانك، فهل ما حكي صحيح عنك؟) فيقول المرقش: (لقد قلت أشياء كثيرة، ولكني سرفتها (أي: غفلت عنها وجهلتها) لطول الأبد.

وينعطف إلى المرقش الأصغر، فيسأله عن شانه مع بنت المنذر، وبنت عجلان فيجده غير خبير، قد نسى لترادف الأحقاب. فيقول: (ألا تذكر ما صنع بك جناب. فيقول: وما صنع جناب؟ لقد لقيت الأقودين (أي: الدواهي) وشربت الأمرين.

٢٢ - نطق اللسان

ومن ابرع ما قاله في التنديد بالكذب قوله في رسالة الغفران: (وإذا رجع إلى الحقائق فنطق اللسان، لا ينبئ عن اعتقاد الإنسان لان العالم مجبول على الكذب والنفاق ويحتمل أن يظهر الرجل بالقول تدينا، وإنما يجعل ذلك تزينا يريد أن يصل به إلى ثناء أو غرض من أغراض الخالية أم الفناء. ولعله قد ذهب جماعة هم في الظاهر متعبدون وفيما بطن ملحدون. وما يلحقني الشك في أن (دعبل بن علي) لم يكن له دين، وكان يتظاهر بالتشيع وإنما غرضه التكسب، وكم اثبت نسبا بتنسب.

ولا ارتاب إن دعبلا كان على رأي الحكمي وطبقته. والزندقة فيهم فاشية ومن ديارهم ناشية.

٢٣ - الكذب الفني

أما الكذب الفني الذي كان يضطر إليه إليه الخيال، فقد أبدع شاعرنا في الاعتذار عنه في مقدمة سقط الزند - كما قلت في رسالة الهناء - حين عرض لتسويغ اضطراره إلى حذف أسماء من غلي في مجاملتهم، وأسرف في تخيل المزايا الباهرة التي نحلها إياهم في قصائده، معتذرا عما ارتكبه من الشطط بأنه لم يعن أحدا منهم بما قال، ولم يقصد - بما

<<  <  ج:
ص:  >  >>