للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفتح العربي. والكتاب إلى جانب ذلك كله مزود بخرائط ورسوم تعين على فهم موضوعه.

من هذا العرض العام يتبين القارئ أن المؤلف قد أحاط بموضوع الفتح العربي لمصر أتم الإحاطة، واستوعب وقائعهكل الاستيعاب، والحق أن الدكتور بتلر قد جلا موضوعا من أوعر موضوعات التاريخ الإسلامي، وحل كثيرا من ألغازه: أوضح شخصية المقوقس وكانت غامضة، ورتب حوادث الفتح ترتيبا أدنى إلى الصحة منه في أي مصدر قديم، وأتى بالقول الفصل في حريق مكتبة الإسكندرية، وبين وجه الخلاف القديم في فتح مصر، أصلحا كان أم عنوة؟ على أن الكتاب يؤخذ بنقص جوهري واحد: ذلك أن المؤلف عنى بالجانب السياسي والديني فقط من حال مصر قبيل الفتح وأغفل شئونها الإدارية والاقتصادية على ما كان لها من أثر قوي في سهولة انتقال مصر من حكم الروم إلى حكم العرب. ولقد ظهر في هذا الموضوع في العشرين سنة الأخيرة بحوث قيمة كنا نود لو أن الكتاب طبع طبعة ثانية تضمن نتائجها. من هذه البحوث: (النظام العسكري لمصر البيزنطية) لجان ماسبرو، و (الإدارة المدنية لمصر البيزنطية) لجرمين رويارد.

ثم أننا لا نوافق المؤلف على تصويره لغارة عمرو على الفيوم، فهو يرى أن عمرا عندما بلغ رأس الدلتا ورأى قلة من معه من الجند، وحرج موقفه بين جنود الروم جنوبا وشمالا، أرسل إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستمده، ورأى في الوقت نفسه أن يشغل جنده ويستنقذهم من الخطر ريثما يصل المدد، فتكلف عبور النيل إلى شاطئه الغربي، وأغار على الفيوم ثم عاد فعبر النيل ثانية، فوجد المدد قد قدم من المدينة. لا شك أن هذه طريقة غريبة جدا في الخلاص من المواقف العسكرية الحرجة، ثم هي لا تأتلف بحال مع ما عرف عن عمرو من شدة الدهاء وبعد المكيدة. يضاف إلى ذلك أن المصادر العربية من حيث هذه الغزوة نوعان: فنوع لا يعرفها بالمرة، ونوع يعرفها، ولكنه يوردها على صورة تجعلها أقرب إلى المعقول من الصورة المذكورة؛ ومع ذلك لم يعتمد عليها المؤلف واكتفى بمتابعة يوحنا النقيوسي بحجة إنه أقدم عهدا من كل المصادر العربية. ولكن القدم وحده لا يكون دائما دليلا على صحة المصادر التاريخية. كذلك يؤخذ على المؤلف حكمه في الفصل الحادي عشر بأن غزوة تبوك المشهورة كانت فشلا، لأنها لم تؤدي إلى ما كان الرسول يرمي إليه بها من مصادمة الروم. والحق أنها أدت إلى ما كان النبي (ص) يرمي إليه من

<<  <  ج:
ص:  >  >>