للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نماذج نقوده، وأعطاه عهداً بالأمان. ولكن جماعة من خصومه وأصدقاء بومبيو القتيل لبثوا يدسون له لدى السينور بير لويجي ولد البابا حتى اعتزم القبض عليه، ولكن بنفونوتو علم بهذه المؤامرة في الوقت المناسب ففر إلى فلورنس، وأقام بها حيناً يخدم أميرها الدوق الساندرو دي مديتشي. وهنالك أصابه حمى شديدة كادت تقضي عليه؛ فلما برئ من مرضه، عاد إلى رومة بعد أن استيقن أنه لم يبق ثمة ما يخشاه من كيد خصومه. وكان البابا يستعد في ذلك الحين لاستقبال الإمبراطور شارلكان، فعهد إلى تشلليني بعمل صليب بديع من الذهب المرصع بالجواهر ليهدى إلى الامبراطور، وتحلية كتاب للصلاة ليهدى إلى الإمبراطورة. ويصف لنا تشلليني هذه الزيارة التاريخية، وكيف شهد استقبال البابا لإمبراطور، وقدم إليه الكتاب المرصع وخاطب جلالته بفصاحة وجنان ثابت، وكيف عكف بعد زيارة الإمبراطور على صقل جوهرة بديعة أهداها الإمبراطور للبابا وتركيبها في خاتم بديع الصنع. وكان تشلليني دائماً هائم الذهن والخيال، يهوي التنقل والمخاطرة، فما كاد ينتهي من صنع التحف البابوية حتى اعتزم تنفيذ مشروع قديم عنده، هو السفر إلى فرنسا

وسرعان ما نفذ عزمه، وسافر إلى فرنسا بطريق سويسرا وألمانيا، مع خادم فتي يدعى اسكانيو. ولما وصل إلى باريس سعى لرؤية فرنسوا الأول ملك فرنسا، فاستقبله بترحاب في فونتنبلو؛ وسافر بنفوتوتو في ركبه إلى ليون؛ وهنالك مرض ولزم فراشه، وأصابت الحمى فتاة اسكانيو؛ فكره المقام في فرنسا، وعول على الرجوع إلى رومة، وغادر فرنسا في أول فرصة، فوصل إلى رومة بعد رحلة شاقة؛ وافتتح له حانوتاً كبيراً فخما، واستأنف عمله، واتسعت موارده؛ ولكنه لم يكن يتمتع بذلك العطف البابوي القديم الذي كان يستظل برعايته وحمايته؛ وكان القدر من جهة أخرى يهيئ له أروع مفاجأة عرفها في حياته. ذلك أنه كان يستخدم عاملاً من بروجيا، وكان يدينه ببعض المال؛ ففر الرجل من حانوته ولم يؤد ما عليه، فطالبه بنفونوتو بواسطة القضاء وحصل على حكم بحبسه؛ فاستشاط الرجل غيظاً واتصل ببعض أتباع السينور بير لويجي ولد البابا وكان يعرف عندئذ بالدوق كاسترو، وأفضى إليه أن تشلليني يملك ثروة طائلة من الجواهر، وأن هذه الجواهر إنما هي من جواهر الكنيسة، سرقها تشلليني وقت الحصار حينما كان في حصن سانت انجيلو؛ وإنه يجب القبض عليه قبل أن يفر مرة أخرى. فأثمرت هذه السعاية ثمرها؛ وفي ذات

<<  <  ج:
ص:  >  >>