للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أيأس، واستخرجت خنجري من غمده وألقيت الغمد، لأنه كان ينتهي بكرة كبيرة، وهي التي اصطدمت بساقي وكسرتها، وقطعت بخنجري قطعة من القماش وضمدت ساقي؛ وأمسكت خنجري بيدي وزحفت على أربع نحو باب المدينة؛ وكان الباب مغلقاً، ولكني رأيت تحته حجراً، فأزحته فتحرك، فدفعته ونفذت من الخرق إلى داخل المدينة. وكان بين الحصن والمدينة نحو خمسمائة خطوة؛ ولما دخلت المدينة هجم علي عدة من الكلاب، وأخذت تلاحقني وتعضني عضاً أليما، فسحبت خنجري وطعنت أحدها طعنة نجلاء جعلته يصيح محتضرا، فالتف باقي الكلاب حوله؛ وأسرعت زاحفاً على اليدين والركبتين نحو طريق (القديس بطرس) (الكنيسة)؛ وكان النهار قد أسفر، وشعرت بالخطر الذي يهددني. وهنا قابلت سقاء وراء حماره المحمل بالقرب؛ فناديته، ورجوته أن يحملني إلى شرفة سلم القديس بطرس، وقلت له إنني شاب فررت من نافذة صاحبتي، فكسرت ساقي؛ ولما كان المنزل الذي اقتحمته منزل أسرة كبيرة، فإني في خطر القتل؛ ووعدته بأن أعطيه ديناراً من الذهب وأريته كيسي المنتفخ؛ فحملني في الحال على ظهره وسار بي إلى ميدان القديس بطرس ووضعني عند الشرفة، وعاد مسرعاً إلى حماره)

واستمر تشلليني في زحفه قاصداً إلى منزل قريب لأميرة يعرف أنه يستطيع الالتجاء إلى حمايتها هي زوجة الدوق الساندرو مديتشي؛ ولكن رآه عندئذ أحد حشم الكردينال كرنارو الذي يقع قصره في ذلك المكان وعرفه، فهرول إلى الكردينال ونبأه، فأمره بحمله. فلما رآه هدأ روعه وطمأنه، واستدعى الطبيب لعلاجه. وذاع نبأ الحادث في روما، فاهتز الشعب الروماني دهشة وإعجاباً لهذه الجرأة. وذهب الكردينال كرنارو مع بعض زملائه إلى البابا وسألوه الصفح عن ذلك الرجل الموهوب، فأجاب بالعفو ووعد الإثابة. ولكنه طلب إلى كرنارو فيما بعد أن يسلمه تشلليني ليقيم عنده في أحد الغرف السرية، فاضطر كرنارو إلى تحقيق رغبته لكي يحقق له بعض مصالحه، وكانت نيات البابا نحو تشلليني غامضة؛ وحمل تشلليني إلى القصر البابوي، واعتقل هنالك عدة أيام؛ وفي ذات مساء قدمت إلى غرفته سرية من الجند وحملته إلى حصن سانت انجلو، وألقته في مخدع صغير يطل على إحدى الساحات الداخلية؛ وبذا رد إلى سجنه المروع كرة أخرى، وغاضت كل آماله في الخلاص، وغلبت عليه الروعة والاستكانة. يقول تشلليني: (وكان قبس ضئيل من النور

<<  <  ج:
ص:  >  >>