للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثيل في كلتا اللغتين التركية والأردية. وهناك بعض عوامل محلية خاصة سنعرض لها في شيء من التفصيل في بحثنا هذا، ولكننا نحب أن نشير الآن إلى تلك الحقيقة التي تحوي شيئاً مما سنعرض له، وهي أن تلك الطبقة المحصورة التي تعلمت تعلما حديثاً في مصر، كانت تستطيع أن تجد بغيتها في الأدب الفرنسي والأدب الإنجليزي، ومن أجل ذلك انعدمت في الدوائر الأدبية البواعث التي تشجع على تأليف كتب التسلية بالعربية. فلما أمست الحاجة إلى هذا النوع من الكتب، كان المسلك الطبيعي الذي سلكه الأدباء هو إقبالهم على ترجمة القصص الفرنسية والإنجليزية، وفضلوا ذلك على أن يقوموا بإنتاج أدب قصصي جديد لا يرجون له انتشاراً، إذ كان ذلك العمل يتطلب منهم خلق فن جديد من فنون الكتابة.

ولما كانت هذه القصص قد ترجمت ترجمة سقيمة، ولم يراع في اختيارها حالة مصر الاجتماعية، ولا حالة الثقافة العامة، ولا الذوق الأدبي في البلاد. فان قبول القراء لها على الرغم من عيوبها ليدل على انه كان هناك شعب يتذوق هذا النوع من الأدب ويقدره حق قدره.

على أن هناك كتاباً يصح اعتباره مقياسا للكياسة والمهارة اللتين ينبغي أن يتصف بهما من يريد القيام بترجمة قصة أوربية، بحيث يجعلها تلائم ذوق شعب ثقافته إسلامية كالشعب المصري، ذلك الكتاب هو ترجمة عثمان جلال لقصة (بول وفرجيني) فان تلك الترجمة على ما فيها من الاختصار والتصرف في الجملة ظلت محافظة على الروح الأصلية وعلى ما جاء في الأصل من المعاني. أضف إلى ذلك أن استعمال السجع في عبارات سهلة. ووضع المؤلف بعض المقطوعات الشعرية محل الأفكار الفلسفية التي وردت في الأصل، قد أكسب هذه الترجمة مسحة عربية، لم توجد مع الأسف في معظم ما عاصرها أو جاء بعدها من الكتب المترجمة. ويمكننا أن نستشهد على ذلك بالفقرة الآتية:

(وما أنت أيتها الصغيرة فلا عذر لك في السفر، ولا بد من تسليمك للقضاء والقدر، وأن تطيعي أمر الأقارب وإن ظلموا وأن تسلمي لمل به حكموا، فإن سفرك وإن كان لا أحد يرضاه، فهو على ما حكم الله. فلقد أنزل تعالى في كتابه العظيم، على لسان نبيه الكريم: قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى، وإن سفرك إن شاء الله لنعم العقبى، أفتعصين الله ما أمر، أم تسلمين للقدر).

<<  <  ج:
ص:  >  >>