للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

قصة تاريخية:

القائد المفقود

للأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف

(إلى الذين يحسبون أن المفاوضات السياسية والمداولات الدبلوماسية ستنقذ فلسطين من محنتها. . .)

كانت آخر خفقة الذي ظل سبعة قرون يضئ أرجاء الدنيا. . . فقد استطاع الملك فرننادو في غفلة من ملوك العرب بالأندلس أن يتخطف ملكهم الواسع قطعة قطعة، وأن يطوح بهم من عرش الملك واحداً إثر واحد، وكان في الجولة الأخيرة قد استولى على وادي آش والمرية وبازة وغيرها من الأقاليم، ثم أرسل بجيوشه الجرارة للأستيلاء على غرناطة وكانت هي كل ما بقى للعرب من ذلك المجد الباذخ الذي بناه آباؤهم بالشجاعة والسيف، فأضاعوه هم بالجبن والخوف. .

واجتاحت تلك الجيوش الجرارة في يوم وليلة أراضي غرناطة واستولت على مشارفها، ثم وقفت بأبواب المدينة العظيمة فطوقتها من كل جانب وضربت عليها حصاراً خانقاً حتى تسلم أو تموت جوعاًن وكان يتولى الدفاع عن المدينة القائد العربي العظيم موسى ابن أبي الخازن، فلم يهن ولم يجزع أمام تلك القوة الساحقة، بل وقف يحشد كل ما يملك من شجاعة وحكمة وحيلة لذلك الموقف الرهيب، فوزع قوات الدفاع على أسوار المدينة، وجند الشبان الفدائيين للتسلل بين ثغرات الحصار وجلب المؤن للسكان، ووضع نظاماً لتوزيع الطعام حتى يستطيع السكان أن يثبتوا أطول ما يمكن من الزمن. وكانت لا تغتر لهذا القائد المجاهد عزيمة، فكان لا يرى في الليل وفي النهار إلا واقفاً يشد من عزائم جيشه وبني قومه. أو مشتبكاً مع الأعداء في مناشات عنيفة تقعقع فيها السيوف وتجري الدماء. .

طال الأمر بهذه الحال الرهيبة، وظلت غرناطة ترزح تحت الحصار الخانق سبعة أشهر حتى نفد منها الطعام، وأخذ الجوع يتهدد الأهالي بالفناء الساحق والدمار الماحق، ورأى أبو عبد الله الملك أنه لا أمل في النصر، وأنه ليس في طاقة السكان أن يتحملوا أكثر مما

<<  <  ج:
ص:  >  >>