للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

متباينة لا يستهان بها. . .

وأشهر هذه الفرق فرقتا الزيدية والأمامية، ومن هذه الأخيرة تتشعب فرق متعددة يختلفون في أشخاص الأئمة، منها هذه التي تنتظر خروج محمد بن الحنفية. وقد كان من أتباعها شاعرنا كثير، فهو يمدح هذا الأمام وينعت أحفاد علي بالأنبياء الصغار، وليس في طبيعة هذا التشيع ما يضير الأمويين إذ هو لا يتعرض للقضية الكبرى وهي قضية الملك والخلافة، وأن أحفاد علي أحق به من آل مروان، فقد ألهته هذه الأمور أو ألهى بها نفسه - لا ندري - عن القضية الأساسية الكبرى كما أسلفنا.

اقر الله عيني إذ دعاني ... أمين الله يلطفُ بالسؤال

وأثنى في هواي عليّ خيراً ... ويسأل عن بني وكيف حالي

هو المهدي خبرناه حق ... أخو الأحبار في الحقب الخوالي

وسبط لا تراه العين حتى ... يقود الخيل يقدمها اللواء

تَغَيَّب لا يرى عنهم زماناً ... برضوى عنده عسل وماء

فهل ترى في هذا النوع من التشيع ضيراً على الأمويين؟ بل نزعم أكثر من هذا وهو أن الأمويون ما كانوا ليروا حرجاً في أن يشيع هذا النوع، ليمدوا أسباب الخلف بين فرق الشيعة من جهة، وليلهوهم من جهة ثانية، وما عليهم أن قعدت بهم هممهم، ينتظرون هذا الذي يقود الخيل يقدمها اللواء.

فلا جرم أن لم يأبهوا لتشيع كثير، وما عليهم وهو يجيد مدح الملوك، وقد تغلغل حب القرشيين في صميمه، يحب من والاهم، ويعادي من عاداهم، أن اتخذوه شاعرهم يقدمونه ويروون شعره، وهو بعد الشاعر البعيد الصيت، المستفيض الشهرة.

عشقه

يشك بعض الرواة، في أن كثير كان صادق العشق لعزة، ويدللون على ذلك بروايات نرى فيها اثر الاختلاف والتكلف، فمن ذلك أن كثير تبع مرة بثينة وقال لها متغزلاً:

رمتني على عمد بثينة بعدما ... تولى شبابي وارجحن شبابها

فالتفت فرأى وراءه عزة فاستدرك وقال:

ولكنما ترمين نفساً مريضة ... لعزة منها صفوها ولبابها

<<  <  ج:
ص:  >  >>