للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يثور، وأي جحيم كان يجيش ويفور!!).

(وقد اشتعل مثل هذا الحريق يوماً ما في فؤاد الفتى المنفرد اشتعالاً بركانياً؛ وكيف يكون الأمر غير ذلك والفتى مزاج رقيق، وطبع سريع الهياج - فيه (كاربون) الحدة، و (فسفور) الشهوة، و (كبريت) الانفعال - تنتظر أدنى شرارة من لحاظ دعجاء المحاجر، قتالة الألحاظ، فتتأجج وتشتعل؛ وما شرار اللحظ في هذا العالم بالشيء المفقود؛ فليت شعري إذا هبطت عليه من آفاق العزة مليحة حسناء، فرمت (كبريته) بشرارة من لحظها ماذا يكون المآل؟!. . . . . .)

وأسمعه يخاطب فتاته المحبوبة: (وما هي إلا هنيهة حتى قرب إلى الغادة وقدم لها! يا رعاك الله أيتها الآنسة! أنك لتشرقين بين أترابك من الفتيات، وتبهرين صواحبك من الغانيات؛ كأنك الكوكب الدري هبط من السماء فتوسط طائفة من المصابيح والشموع! يا أشرف الفتيات! وسيدة النساء! يا سبيت الخامل المسكين فتهافت عليك بدناً وروحاً؛ وهو مع ذلك منكس الجيد في حضرتك، من فرط هيبتك خاشع الطرف، تعروه لذة أليمة وتعلوه حيرة لذيذة، أحقاً أصبح الفتى المسكين يشهد مجلسك ويجتلي نور طلعتك، وبهاء غرتك، وحقاً تشرق عليه أشعة لحاظك!؟ وحقاً يتكلم فتنصتين، ويقول فتسمعين، ويمزح فتضحكين، ويعظ فترقين، ويشكو فتتوجعين؟ وحقاً كان الحب متبادلاً، والغرام متداولاً، والعطف متقارضاً، والود متقايضاً، والقطبان يخفقان للالتصاق، ويرجفان للاعتناق،؟!! وقلب العاشق المسكين يجيش ويثور كالبحر يزخر ويعب في حضرة القمر!؟ حقاً كان كل ذلك).

البصرة

عبد الكريم الناصري

<<  <  ج:
ص:  >  >>