للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تصل إلى تلك التي تعيش على سطح الأرض في عصرنا هذا. ولذلك أمكننا بفضل اكتشاف الدكتور العلامة ديبوا أن نعرف الماهية التفكيرية والمقدرة العقلية التي كان يتمتع بها الجنس الذي عاش في عصر البليوسين.

ونحن لا يمكننا مع ذلك كله أن نقرر ما إذا كانت عندهم القدرة على التخاطب والكلام. إلا أنه قد أمكننا أن نعرف من تلافيف المخ عند الإنسان المعروف بإنسان جاوة مقدار ما كان له من استعداد لذلك، وما قد وجد عنده من عوامل تساعده عليه، ومن المحتمل أنه قد تكلم وتفاهم، ثم عبر عما يجول بخاطره بعبارات صوتية غير منتظمة تعبر عن رغبة أو شعور، ولكنها لم تكن لتعبر عن فهم. ويمكننا أن نقارن بين قدرتهم على الكلام وقدرتهم على صناعة الأدوات والمرافق بما نسمعه من لغات اليوم وما نراه بين أيدينا من مرافق وأدوات كادت أن تبلغ حد الكمال.

ونحن إذا اعتبرنا أن إنسان جاوة بالقوى العقلية التي سبق الكلام عنها وشرحناها في الفقرات السابقة، هو الحد الذي وصل إليه الإنسان في أواخر عصر البليوسين، وأن إنسان البلتدون هو مثل لما قد وصل إليه الإنسان في أوائل عصر البلستوسيين، لوجب علينا أن نعترف أن هناك فترة تقع بين العهدين يمكن أن نطلق عليها فترة التطور العقلي للإنسان القديم. لأننا نعرف أن حجم مخ إنسان البلتدون الذي وصل إلى ١٤٠٠ سم مكعب يتناسب مع حجم مخ الإنسان الحديث، ويقترب به إلى الإنسانية الحق. بينما نجد أن إنسان جاوة بمخه الذي يمكننا أن نقدر حجمه بمقدار ٩٤٠ سم مكعبا ينزل إلى أسفل الدرجات، ولا يصل إلى أحط نوع من الأنواع البشرية المعروفة، وأن تلافيف المخ في إنسان البلتدون، ولو أنها لا تصل إلى ما نراه من تلافيف مخ الأنواع المنحطة من الأنواع الحديثة، إلا أنها تفوق وترتفع كثيرا عن مستواها عند إنسان جاوة.

وإذا كنا قد أوضحنا في مقالاتنا السابقة مدى أهمية فحص العلماء لمخ الإنسان وما كشفه لهم حجمه من حيث تاريخ تطوره، فيجب إلا ننسى أهمية فحصهم لأسنانه وما كشفت عنه الحفريات. فإنه قد لوحظ أن أسنان القرد كانت أسنانا إنسانية لا تختلف في شيء عن أسنان الإنسان الحاضر إلا من حيث كبر الحجم. ولا بد لنا أن نذكر مما قد سبق ذكره، أن إنسان البلتدون قد تمتاز بأنياب حادة مدببة، لا تختلف في شيء عن أنياب القردة، بينما نجد

<<  <  ج:
ص:  >  >>