للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

من أساطير الأولين: رمز الشعر والفضيلة

إكسوس ومكريا أو عليقة السنديانة للشاعر ألفرنسي

هيجيسيب مورو ١٨١٠ - ١٨٣٨

بقلم احمد حسن الزيات

في ذات يوم لا أذكر من تاريخه إلا أنه كان لعامين من موت هرقايس، كانت مدينة (دلفي) تموج بالناس وتعج بالضوضاء وتزخر بالفتوة. كان ذلك اليوم آخر أيام الألعاب الفيتونية، ومن أعجب الأشياء أن الصراع والسباق كانا يجريان على غير مشهد من أحد، والرياضيين والسواقين كانوا ينتصرون على غير علم من إنسان، حتى قيل إن الشاعر سيمندس كان ينشد رائع الشعر في الفرس المجلي ولا يستمع إليه يومئذ إلا بطله! ذلك لأن كلمة واحدة طار بها السماع فطارت بالقوم من ميدان اللعب إلى معبد أبولون!

(ها هم أولاء أبناء هرقليس! سيد أبطال الإغريق؟ وكانت أثينا منذ شهر قد استيقظت ذات صباح فوجدت هؤلاء الأبناء مخلوعين مضطهدين مشردين يتهافتون في الساحة العامة على مذبح الرحمة فثارت بها الحفيظة لشكواهم، ونزت فيها القلوب والسيوف لبلواهم، ثم بعثت بهم في هذا اليوم على رأس السفارة المقدسة إلى دلفي يستنبئون آلهتها عن مصدر هذه الحرب.

ودلفي كما تعلمين مدينة مقدسة تفيض جوانبها بالعجائب، والناس يمرون عليها وهم عنها معرضون، وأنا كأولئك الناس في هذا اليوم، لا أريد أن أتنقل بك من البرناس إلى الهيبدروم، ولا من الهيبدروم إلى منصة أبولون، فإنك ولا شك حججت إلى هذه الأماكن منذ طويل في (سياحة أنا كرسيس)، وأنا - ولا أخفي عنك - مشوق كذلك إلى رؤية أشبال هرقليس.

كان الشعور الذي استولى على الإغريق لدى رؤيتهم أولئك الأبطال يترجم عنهم هذا الهتاف الإجماعي الصاخب: (يا للآلهة الخالدين! ما أوفى القوام وما أصلب العضل! وكان في الجمع شيخ سبط العظام. تحسبه وفي يده عصاه المذهبة، وعلى جبينه عصابته

<<  <  ج:
ص:  >  >>