للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٨ - محاورات أفلاطون]

الحوار الثاني

كريتون أوجب المواطن

ترجمة الأستاذ زكي نجيب محمود

أشخاص الحوار: سقراط. كريتون

مكان الحوار: سجن سقراط

سقراط - وستقول القوانين بعدئذ: (اعلم يا سقراط، إن صح هذا، أنك بهذه المحاولة إنما تسيء الينا، لأننا بعد إذ أتينا بك الى الدنيا، وأطمعناك وأنشأناك وأعطيناك كما أعطينا سائر أبنا الوطن قسطا من الخير، ما استطعنا للخير عطاء، فقد أعلنا فوق ذلك على رءؤس الأشهاد أن من حق كل اثنيني أن يرحل الى حيث شاء حاملا متاعه معه، إذا هو نفر منا بعد أن تقدمت به السن فعرفنا حق المعرفة وعرف على أي الأسس تسير المدينة، وليس فينا نحن القوانين ما يحول دونه أو يتدخل معه في أمره، فلكل منكم إذا ما كرهنا وكره المدينة، وأراد الرحيل الى إحدى المستعمرات أو الى أية مدينة أخرى، أن يذهب حيث شاء، وان ينقل متعاه معه؛ أما ذك الذي عركنا فعرف يف نقيم العدل وكيف ندير الدولة، ثم رضي بعد ذلكالمقام بيننا، فهو بذلك قد تعاقد ضمناً على أنه لابد فاعل ما نحن به آمرون. فمن عصانا، ونحن ما نحن، فقد أخطأ مرات ثلاثاً: الأولى أنه عصى والديه بعصيانه إيانا، والثانية أننا نحن الذين رسمنا له طريق نشأته، والثالثة أنه قطع معنا على نفسه عهداً أنه سيطيع أوامرنا، فلا هو أطاعها، ولا هو أقنعنا بأنها خاطئة، ونحن لا نفرضها عليه فرضاً غشوماً، ولكنا نحيره، فلما طاعتنا وإما إقناعنا. هذا ما قدمناه إليه، وهذا ما رفضته جميعاً.

تلك هي صفوف المآخذ التي ستقيم من نفسك هدفاَ لها يا سقراط إذا أنت أنجزت عزيمت، كما سبق لنا بذلك القول. ولاسيما أنت دون الآثينيين جميعاً) وهب أني سألت ولم هذا؟ فستجيب حقاً بأنني قد سلمت بهذا الاتفاق دون سائر الناس. ستقول القوانين (إن ثمت لبهاناً ساطعاً يا سقراط، بأننا والمدينة معنا لم نكن لنعكر عليك صفو العيش، فقد كنت أدوم الآثينيين جميعاً مقاماً في المدينة: لم تغادرها قط، حتى ليجوز لنا الفرض بأنك كنت تحبها؛ إنك لم تغادرها مطلقاً لتشهد الألعاب، اللهم إلا مرة واحدة حين ذهبت لترى البرزخ. ولم تفصل عنها لتقصد إلى أي مكان آخر، إلا إذا كنت في خدمة الجيش، ولم تسافر كما يسافر

<<  <  ج:
ص:  >  >>