للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بنزعة قوية إلى الثورة وإلى إلغاء الملوكية، وإعادة النظام الجمهوري بعيداً عن الوصاية الأجنبية، وقد أسفرت هذه الحركة منذ نحو عام عن محاولة اتهم فيها عدة كبيرة من الشباب المتعلم بالتآمر على سلامة الدولة.

ومن جهة أخرى فقد رأت إيطاليا أنها لم تحقق كل ما أرادت من تدخلها في الشئون الألبانية وقررت أن تقطع الإعانة المالية السنوية عن الملك زوغو حتى تجاب إلى مطالبها في السيطرة على التجارة الألبانية، وافتتاح المدارس الإيطالية المغلقة، وتعيين مستشارين إيطاليين في الإدارات الألبانية، وتعيين ضباط إيطاليين لتدريب الجيس الألباني وغيرها؛ وهذه مطالب لم يقبلها أحمد زوغو وحكومته. وقد أحدث قطع الإعانة المالية ارتباكاً خطيراً في الحكومة الألبانية، واضطربت المرافق والمشاريع العامة، ونضبت موارد القصر والإدارات الحكومية، وساد روح من القلق والتذمر حول الملك زوغو وحكومته، وتحركت المعارضة لتحاول فرصتها؛ والظاهر أن الحركة الأخيرة كانت أثراً من آثار هذا الارتباك العام، وأنها ليست إلا بداية قد تعقبها محاولات أخرى إذا لم تتح للملك زوغو وعصبته فرصة لتوطيد مركزهم بالتفاهم مع إيطاليا وتلقي معونتها أو آية معونة خارجية أخرى

والحقيقة أن تلك الدولة الصغيرة المسلمة تجد نفسها في مركز محزن؛ فهي لا تستطيع أن تعيش مستقلة بنفسها، ولا تستطيع رغم بسالتها أن تذود عن هذا الاستقلال الذي تجاهد في سبيله، وهي مطمح أنظار دولتين قويتين خصيمتين، وليس في مقدورها أن تفلت من نتائج هذا التجاذب السياسي الذي تتعرض له بموقعها الجغرافي وظروفها العسكرية، وإذا فلا بد لها أن تختار الخضوع لأحد النفوذين: النفوذ الإيطالي، أو النفوذ اليوجوسلافي، وقد استظل أحمد زوغو بنفوذ يوجوسلافيا حتى تمكن من إنشاء ألبانيا الجديدة ومن التربع على عرشها؛ ثم استظل بعد ذلك بالنفوذ الإيطالي ليوطد دولته الجديدة، وهاهو اليوم يتبرم بذل النفوذ ويحاول خلاصاً منه. فهل يكون ذلك نذير العود إلى سياسة التفاهم مع يوجوسلافيا؟ إن إيطاليا ترى في ألبانيا غنماً تحرص عليه كل الحرص وتعما بكل الوسائل لكي تستأثر به، وترى فيها مجازاً للتوسع في المشرق، والسياسة الفاشستية تنشط اليوم إلى التوسع والاستعمار حيثما استطاعت؛ ومن المحقق أنها ستنازع يوجوسلافيا أية محاولة تقوم بها في ألبانيا، لأنها ترى في مثل تلك المحاولة اعتداء على سلامتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>