للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونفاذ البصيرة، ومن أمثلة المسائل التي يتوق كل مسلم بل كل منصف إلى الوقوف على حقيقتها، والتي شرحها الأستاذ أحس شرح وفندها خير تفنيد، ما نسب إلى الاسلام من مذابح دينية وما اتهم به المسلمون من إحراق مكتبة الاسندرية، ومن بغضهم حرية الفكر وتعصبهم ضد العلم، وما يردده الشعوبيون من أباطيل وتهم كمسألة صدق الرسول في دعوته، والقضاء والقدر وتعدد الزوجات والطلاق والحجاب والاسترقاق والربا والتصوير والنقش. . . الخ.

ولم يقتصر الأستاذ المؤلف على ما ساق من براهين، بل لقد مكنته سعة اطلاعه من عرض أقوال المبطلين، مشيراً إلى ما ينهض منها حجة على أصحابها وما ينسخ منها بعضه بعضاً، كما أنه كان موفقاً غاية التوفيق في بيان العوامل التي أدت الى جفاء الغربيين في موقفهم من الاسلام، وفي بيان ما يقعون فيه من أخطاء وأسباب تلك الأخطاء، التاريخي منها والديني والثقافي، مما يعد بحق من أجل الخدمات التي يؤديها رجل نحو دينه ويضطلع بها عالم ابتغاء الحقيقة

وفي ثلثي الكتاب الباقيين، يستعرض الأستاذ كرد علي أحوال العرب منذ جاهليتهم، فيتكلم عن العرب قبل الاسلام وديانتهم وأثر المدنيتين اليهودية والنصرانية فيهم، ثم عن العرب في الاسلام، مبتدئاً بشرح عاداتهم وأخلاقهم وأثر الاسلام فيهم مورداً رأى لبون ودوزى في الفتوح العربية، ولقد عني ببيان ما عرفه العرب من علوم ومبلغ عناية خلفائهم بالعلم وتشجيع العلماء، وبين مواطن اللغة العربية وأثرها في اللغات الشرقية والغربية

وكان طبيعياً بعد ذل أن يتعرض لوصف حال الغرب في شباب الاسلام، فيقابل بين ما كان يتمتع به العرب من نور ونظام، وما كان يتخبط فيه الأفرنج من فوضى وظلام، وأشهد لقد كان معتدلاً منصفاً في هذا الباب، فلم يجر على سنن غيره من متعصبي الغرب، ولن تحس له حقداُ او تتبين في نقده سخيمة او ضغناً بل كان رائده الدليل والحجج التاريخية

ولقد قدم هذا الباب توطئة لبيان أثر العرب ومدينتهم في الغرب، فن له من هذا الوضع الطبيعي وهذا الترتيب المنطقي خير مساعد، وراح يعرض لنا ما كشفه العرب وما ابتكروه وما نقلته عنهم أوربا عن طريق اسبانيا وصقلية وجنوبي إيطاليا، ثم عقد في خاتمة هذا الجزء أربعة فصول هامة، قارن في أحدها بين موقف المسلمين وأعدائهم في الحروب

<<  <  ج:
ص:  >  >>