للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو أبغضُ إلى منكم ما خرجت؟) فقال الضرير: (يا أبا محمد، أننا زوجاتُ العلم؛ فأتينا التي حظيت وبظيتْ. . .)

فغطى الجماعة أفواههم يضحكون، وتبسم الشيخ، ثم شرع يحدث فأفضى من خبر إلى خبر، وتسرح في الرواية حتى مر به هذا الحديث:

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن هلاكَ الرجال طاعتُهم لنسائهم.)

قال الشيخ: كان الحديث بهذا اللفظ، ولم يقل النبس صلى الله عليه وسلم: (هلاُك الرجل طاعته لامرأته)؛ فان هذا لا يستقيم؛ إذ يكون بعضُ النساء أحياناً أكمل من بعض الرجال، وأوفر عقلاً وأسد رأياً، وقد تكون المرأةُ هي الرجلَ في الحقيقة عزماً وتدبيراً وقوى نفس، ويتلينُ الرجل معها كأنه امرأة. وكثير من النساء يكُن نساءً بالحلية والشكل دون ما وراءهما، كأنما هيئنَ رجالاً في الأصل ثم خًلقن نساءً بعد، لأحداث ما يريد الله أن يحدث بهن، مما يكون في مثل هذه العجيبة عملاً ذا حقيقتين في الخير والشر

وإنما عم الحديث لًيدل على أن الاصل في هذه الدنيا أن تستقيم أمور التدبير بالرجال؛ فان البأس والعقل يكونان فيهم خلقةً وطبيعةً أكثر مما يكونان في النساء؛ كما أن الرقة والرحمة في خلقة النساء وطبيعتهن أكثرُ مما هما في الرجال، فاذا غلبتْ طاعةُ النساء في أمة من الأمم، فتلك حياة معناها هلاك الرجال، وليس المراد هلاكً أنفيهم بل هلاك ما هم رجالٌ به. والحديدُ حديدٌ بقوته وصلابته، والحجرُ حجر بشدته واجتماعه؛ فان ذاب الأولُ أو تفلل، وتناثر الآخر أو تفتت - فذا هلاكهما في الحقيقة، وهما بعدُ لا يزالان من الحجر والحديد

والمرأة ضعيفة بفطرتها وتركيبها، وهي على ذلك تأبى أن تكون ضعيفة أو تُقر بالضعف، إلا إذا وجدت رجلها الكامل ورُجلها الذي يكون معها بقوته وعلقه وفتنته لها وحبها إياه، كما يكون مثالٌُ مع مثال. ضَعْ مائة دينار بجانب عشرة دنانير، ثم اتر للعشرة أن تتكلم وتدعي وتستطيل؛ قد تقول: إنها أكثر إشراقاً، أو أظرفُ شكلاً، أو احسن وضعاً وتصفيفاً؛ ولكن الكلمة المحرمة هنا أن تزعم أنها أكبر قيمةً في السوق. . . . .!

قال الشيخ: ومن من النساء تصيبُ رجلَها الكاملَ أو القريب من كماله عندها، أي كمالَ طبيعته بالقياس إلى طبيعتها، كمالَ جسم مُفصلٍ لجسم تفصيلَ الثوب الذي يلبسه ويختال فيه؟ أما إن هذا من عمل الله وحده؛ كما يبسط الرزقُ الرزقَ لمن يشاء من عباده ويقدر،

<<  <  ج:
ص:  >  >>