للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمسح لكلب شعره، وبودي لو أخنقه، فقد كبر في ظني أنه هو الذي جر على هذه الحبسة التي أصابت لساني، ثم رفعت عيني إلى الفتاة فرأيتها تنقل معطفي من ذراع إلى ذراع، فأسرعت أقول:

(معذرة - لقد كنت ذاهلاً)

وتناولت المعطف، فحملت عني كلبها وهي تقول:

(هو الذي أذهلك - إنك تحبه، أليس كذلك؟)

فقلت: وأنا أتشهد - في سري - (أحبه؟ آه! نعم، أحبها - أعني الكلاب!)

قالت: (إنك. . . .؟؟)

قلت: (إني؟)

قالت: (نعم! إنك. . . اعني. . . إني لست أعرف لمن أنا مدينة بهذا الجميل؟)

قلت: (آه! صحيح! أعني. . . . كلا. . . لا فضل ولا جميل. . . لا لا لا. . . لاشيء!. . وسخطتً على نفسي جداً، فقد كان واضحاً أنها تسألني عن اسمي وما إلى ذلك. فجاء جوابي كأني لا أرتاح إلى تعريفها شيئاً منه، وأحر بهذا أن يصدمها ويفتر ما بيننا)

ثم قالت: (ألا تتفضل معي قليلاً؟)

وأشارت إلى بيت، فقلت:

(هذا مسكنك؟)

قالت: (نعم. تفضل، فان أمي يسره أن تشكر لك صنيعك، وأظنها تحب بوبي أكثر مما تحبني)

وضحكت، فقلت: (في وقت آخر. . . لا موجب للشكر. . . ما فعلت إلا ما يفعله أي إنسان)

وصافحتها وانصرفت مسرعاً، وبودي أن أجرد من نفسي شخصاً أظل ألعنه وألكمه حتى أشفى غيظي، فما أذكر أني كنت قط أسخف مني في ذلك اليوم، وإني لثرثار، وإني لثرثار في العادة، ولست أتهيب المرأة أو أجهل طبيعتها، فمن أين جاءني هذا البكم؟ وماذا عسى أن تقول عني هذه الفتاة؟ وكيف لم يخطر لي كلام إلا (إني أحب الكلاب؟؟)

وآليت - من فرط سخطي على نفسي وخجلي من عي وفهاهتي - أن أجنب السير في هذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>