للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

الأطلال

رواية قصصية مصرية - تأليف الأستاذ محمود تيمور

عرض ونقد بقلم محمد أمين حسونه

ليست (الأطلال) التي أخرجها الأستاذ محمود تيمور أخيراً سوى ثغرة بين مرحلتين في حياة المؤلف القصصية، وأقصد بالمرحلة الأولى فنه الذي يمت إلى الواقعية، وبالمرحلة الثانية نزعته الجديدة إلى التحليلية (السيكولوجية)، هذا فضلاً عن خلوها من سيطرة أية نزعة أوربية

والناقد الحصيف يلمس بين سطور (الأطلال) من عصير الفكر ووضوح الوصف وخصوبة الخيال ما يكفل لها حياة نابضة. وقد عرف الأستاذ تيمور كيف يرتفع بموضوع روايته إلى أسمى من ذلك الفن الرخيص الذي يبدو في قصص غيره، واستطاع أن يضيف إلى جانب مهارته في رسم بيئته، تصويره لشعوره الخاص تحت نقاب شفاف من التورية الفنية، متخذاً شخصية (سامي) مرآة تحجب وراء زجاجها الصقيل الثورة الكامنة المتأججة في فجر حياة كل شاب، حتى تدفعه إلى الخروج من حالة القلق والحيرة إلى عالم الجسم وجحيم الشهوة

بسط المؤلف على لوحته أولاً رسم سامي، وهو من أبناء الذوات الذين يعيشون في القصور المحاطة بالأسوار العالية، تضم جدرانها العدد الوفير من الخدم والخصيان والأتباع، ويأوي إليهم بين يوم وآخر ضيوف تستغرق إقامتهم الأسابيع بل الشهور

وعندما يستطرد المؤلف في وصف نشأة الصبي سامي تتنبه فيه ملكة التصوير، فلا يفوته أن يسجل إعجاب ضابط المدرسة عندما يدعوه إلى داره ليلعب مع ابنته فتحية، وكيف يغرم الصبي بالفتاة وتستهويه رائحة الأنوثة المنبعثة من صورتها، حتى إذا ما شب كان عنفوان اليقظة الغامضة يدب في أوصاله، وتراه في ذات ليلة (أم خضير) - وهي خادمة حنكتها التجارب يستذكر دروسه وفتحية أمامه تخيط ملابسها فتسر إليه (لو كنت مكانك لما جلست هكذا أمام كتبي، بل كنت أجلس إلى جانبها أداعبها واختلس قبلة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>