للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التمدين الآري الذي كانت عليه أوربا عندما انتقص أطرافها المسلمون؟؟)

هل كانت تلك المدنية هي التسافك في الدماء، وإشهار الحرب بين الدين والعلم، وبين عبادة الله وبين الاعتراف بالعقل، نعم هذا هو الذي كان معروفاً عند الغربيين وقت ما ظهر الإسلام.

ماذا حمل الإسلام إلى أوربا، وما هي المدنية التي زحف عليهم بها فردوها؟ زحف عليهم بما استفاد من صنائع الفرس وسكان آسيا من الآريين، زحف عليهم بعلوم أهل الفرس والمصريين والرومانيين واليونانيين. نظف جميع ذلك ونقاه من الأدران والأوساخ التي تراكمت عليه بأيدي الرؤساء في الأمم الغربية المتسكعين الذين كانوا في ظلمات الجهالة لا يدرون أين يذهبون.

إني أكيل لمسيو هانوتو إجمالاً بأجمال، والتفصيل لا يجهله قومه، وكثير من منصفيهم لم يستطع إلا الاعتراف به.

إن أول شرارة ألهبت نفوس الغربيين فطارت بها إلى المدنية الحاضرة كانت من تلك الشعلة الموقدة التي كان يسطع ضوؤها من بلاد الأندلس على ما جاورها، وعمل رجال الدين المسيحي على إطفائها مدة قرون فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. واليوم يرعى أهل أوربا ما نبت في أرضهم، بعد ما سقت بدماء أسلافهم المسفوكة بأيدي أهل دينهم في سبيل مطاردة العلم والحرية وطوالع المدنية الحاضرة).

ثم رد الامام في موضع آخر: (يجب على الباحث في الإسلام أن يطلبه في كتابه، كما يجب عليه أن يطلب آثاره والإسلام إسلام، والمسلمون مسلمون، ولو استشم مسيو (كيمون) الذي استشهد هانوتو بكلامه ريح العلم لما استفرغ ذلك القذر من فيه، ولا حاجة إلى الكلام فيه، فسخافة رأيه وقلة أدبه تكفيه.

من أين أُتى المسلمون وكيف دخل عليهم في عقائدهم بالتشبيه، وفي عوائدهم بالتمويه؟ وممن تعلموا الافتراس، وعمن أخذوا الضراء بالشهوات؟ أنا أعلم ذلك وأهل العلم يعلمون، والله من ورائهم محيط.

اتبع المسلمون سنن من قبلهم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى سقطوا في مساقطهم، وطارحوا الأوهام حتى انجروا إلى مطارحهم، وباءوا بما كان لهم وما عليهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>