للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن أي تأثير خارجي في الموسيقى العربية حتى بالطريقة العرضية التي ألمعنا إليها أتى على أيد عربية.

لم يقرر المؤرخين نهائياً ولا في موضع ما اقتبس العرب من الفرس والبيزنطيين في قضية النظرية. دعونا قبل كل شيء نحرر أذهاننا من الظن بأن العرب أقروا بأن الفرس كان لهم نظام موسيقى أرقى بكثير من نظامهم. ثم فيما يتعلق بالرسائل فان أقدم كتاب فارسي في الغناء مؤلف في القرن الثاني عشر الميلادي. ولكن عندنا رسائل في الموسيقى العربية يرجع تاريخها إلى القرن التاسع (الكندي توفي سنة ٨٧٤م): ولدينا دليل على تآليف مصنفة في القرن الثامن (يونس الكاتب توفي سنة ٧٦٠م والخليل بن أحمد توفي سنة ٧٩١).

وفي الحقيقة أن كل ما نعرفه عن الموسيقى الفارسية الأولى أتى من مصادر عربية، والمرجع الوحيد الذي يعالج هذه القضية بتوسع هو المسعودي (توفي سنة ٩٥٦م) فهو يقول - مستشهداً بقول ابن خرداذبة (القرن التاسع) وهو كاتب متقدم - (اخترع الفرس النغم والتوقيعات والمقاطع والطرق الملوكية ولكي نقدر تماماً قيمة هذه الفقرة علينا أن نتذكر أن الغناء كان محرماً عند المسلمين وأن المؤرخين لم يكونوا مهتمين بالتماس عذر لمن يتجاوز مصدراً محلياً لشيء (منكر) كالغناء كما يطلق عليه المتشرعون من المسلمين.

ويجب ألا ننسى أن عصر الأمويين عصر ساد فيه الشعور القومي فعظمت فيه المثل الوثنية العربية وهذبت أكثر التأثيرات الأجنبية في الموسيقى العربية، وقد أشار إليها (لاند بقوله: (ما استورده العرب من الفرس والرومان لم يحل محل الموسيقى الوطنية بل طعم على جذر عربي وبقي له شكله الخاص).

ما أخذ العرب من الفرس لا يمكن التأكد منه بالضبط، وجل ما نعرفه أن الفائدة التي نشأت من الاحتكاك الفارسي هي من جهة الآلات الموسيقية. فمثلا كلمة (دستان فارسية استعملها العرب لمواضع الإصبع على لوحة رأس العود الخشبية أو الطنبور. ومن المؤكد أن العرب لم يأخذوا السلم الفارسي. لأننا نجد أنهم انتقدوا لاستعمالهم الأنغام الفارسية التي كانت متمثلة في سلم الطنبور الخراساني، فأدخل (زلزل) أحد المغنين في عصر العباسيين شكلاً جديداً من العود حل محل العود الفارسي وسمي هذا العود بعود (الشبوط

<<  <  ج:
ص:  >  >>