للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ممرنا بالمباني الحديثة فقلت خلوا بيني وبينها، أروني المباني القديمة، أسمعوني الشهود العدول، دعوها تحدثني عما شهدت وتطلعني على ما خفي من تفاصيل المفاخر

رأيت المنازل القديمة، ووقفت بربوعها أسائلها وتجيبني. أصغي إلى (طيقانها) الصغيرة، فأسمع حديث الإباء والشمم، ووقفت بأبوابها أذكر القرى والكرم

التقيت بأحد أبناء رشيد الكرام الأستاذ فؤاد نور المحامي فحمدت الله رفقته وحمدت السري في ظله، زرنا المنازل الأثرية فهذا بيت (الأماصيلي) كان يملكه حاجب المحكمة الأهلية فابتاعته مصلحة الآثار ولكنه مقفل فلا دليل يقف ببابه للمسترشدين، ولا نشرة توزع بما يجب للبناية الأثرية من بيانات، ولا (كارت بوستال) يباع - حاويا صوره الداخلية

والبيت من داخله تحفة فنية وفيه متعة وشغل للبصر والبصيرة، بني في ٢٨ شوال سنة ١٢٢٣ هجرية وقل أن تجد من يعنى بتاريخ البناء إلا في السنوات الأخيرة

وأعجب ما ترى فيه (مقصورات) شبيهة بالألواح التي نراها اليوم بالمسارح أعدت لجلوس السيدات ليشهدن مجالس الغناء وتسمى (الأغاني) إضافة إلى الغرض منها

وفقت إذن: أن هذا البيت قد شهد موقعة النصر وأنه شاهد أمين عليها، وقفت به طويلا وقلت: ما يؤلمني أن أكون وحيدا ولا يرافقني رهط قليل ما دمنا نقوم بما نعلم من واجب، فغدا يزور رشيد آلاف وغدا يكون الاحتفال عاما، ولا ضير أن نبدأ قلة وقد نعلم أن (واشنتجون) عد في وقت مجنونا، وأنه لم يخل من تآمر حرسه عليه، وهو اليوم، وفكرته اليوم متجه الأنظار للأمريكان جميعا

ليس في رشيد فندق لائق. وقد أعد يوناني مطعما منذ سنوات قليلة فقاطعه أهل البلد حتى لم يجد مناصا من إغلاقه وهجرة البلد

كل دار أحق بالأهل إلا ... في خبيث من المذاهب رجس

ولكن هذا الميدان الذي خلا أليس من أهل البلد من يملؤه؛ أولئك الذين كتب عنهم الجنرال ستيورات إلى القائد فرزيه في ٣١ مارس سنة ١٨٠٧ يقول: (أن الأهالي لا يعبأون بالمصائب برغم ما أحدثنا بالمدينة من تخريب حتى بلغ ما أطلقناه من القنابل من المدافع البعيدة المرمى وحدها ٣٠٠ قذيفة)

على أحفاد أولئك الكرام أن يحتفلوا بذكرى أجدادهم وبمجد بلدهم. وعليهم أن يسدوا كل

<<  <  ج:
ص:  >  >>