للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعبث بها. فلما علم والدها بالأمر استشاط غيظا وغضبا، وعز عليه أن ينتهك عرضه وشرفه على هذه الصورة القذرة، فاقسم على الانتقام من هاتك عرضه وملصق العار بجبينه، وأخذ يشوق العرب إلى فتح الأندلس

ولكن بعض المؤرخين يشكون في صحة هذه الرواية ويقولون إن السبب في قيام يوليان علي لذريق أن غيطشة ملك القوط المتوفى ساعده مرة على العرب فحفظ له يوليان هذا الجميل، ورأى من الواجب أن يساعده أبناء ولي نعمته على مغتصب ملك أبيهم، فطلب مساعدة العرب ظانا أنهم بعد أن يفتحوا البلاد ويوطدوا ملك أبناء غيطشة فيها يرجعون إلى أفريقية

كانت الغزوة الأولى غزوة استكشافية محضة غرضها درس حالة البلاد عن كثب، وذلك لان موسى بن نصير كتب إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك - الخليفة الأموي السادس - يستشيره في أمر هذا الفتح، فأرسل إليه الخليفة العظيم أن يتريث ويستكشف الأحوال قبل الإقدام على أية مغامرة. فأمر موسى طارقا بإرسال قوة صغيرة إلى الأندلس لمعرفة أحوالها الحقيقية، فأنفذ طارق فصيلة مؤلفة من ٤٠٠ مقاتل بقيادة مولاه طريف فنزلت في جنوبي الأندلس - الجزيرة - فكتب الله لها النجاح في مسعاها الدنيوي الديني، فشجع هذا النجاح موسى ابن نصير وعول على فتح الأندلس وسرعان ما حقق غايته

فأرسل قوة كبيرة بقيادة البطل الفاتح طارق بن زياد مؤلفة من البربر والموالي وقليل من العرب، فعبروا مضيق جبل طارق وفتحوا الجزيرة ثم زحفوا شمالا نحو قرطبة، وكان لذريق عندئذ في الشمال يقاوم حملة من الإفرنج غزت حدود بلاده الشمالية ولكنه أسرع - حالما علم بقدوم المسلمين - وعاد إلى الجنوب على رأس جيش لجب عدده مائة الف مقاتل لصد تيار الفاتحين

فطلب طارق من موسى إمداده بالنجدات فأمده بخمسة آلاف مقاتل. وهناك في مكان جنوبي إشبيلية على نهر غواديلاثا التقى الجيشان فكان النصر حليف العرب، وذلك إن فرقة من الجيش القوطي موالية لأبناء غيطشة انسحبت من ميدان القتال فتضعضعت معنويات جيش القوط وتراخت عزائمهم فظفر بهم العرب وكان نصرهم نصرا مبينا. وتقول بعض الروايات العربية إن لذريق غرق في النهر، غير إن روايات أخرى تقول أنه بقي حيا إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>