للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التجديد في الأدب]

حول مقال الأستاذ أحمد أمين

للدكتور عبد الوهاب عزام

قرأت المقال الثاني الذي تكلم فيه الأستاذ عن (التجديد في العبارة) فرضيت آراء وأنكرت أخرى.

وأول ما آخذ على المقال أنه لم يحكم تحديده فالقارئ يحس أن كاتبه أراد أن يعالج التجديد في المعنى والعبارة معاً.

يقول الأستاذ في مستهل مقاله (واليوم أعرض لضرب آخر من ضروب التجديد وهو التجديد في العبارة. وأعني بالعبارة الجملة التي يؤدى بها المعنى على اختلاف ألوانها من حقيقة ومجاز وتشبيه واستعارة وكناية.) ولست أدري كيف يكون التجديد في التعبير الحقيقي؟ الحقيقة لفظ مستعمل فيما وضع له. فإذا أتفق معنى لشاعر في الجاهلية فأداه بألفاظ حقيقية ثم وقع المعنى بعينه لشاعر معاصر فأراد الإبانة عنه بلفظ حقيقي لم يمكن التجديد في الأداء إلا بالإسهاب أو الإيجاز وليس هذا ما يريده الأستاذ، أو بإيثار لفظ حقيقي على آخر مثله وهذا يرجع إلى بحث الألفاظ الذي فرغنا منه في مناقشة المقال الأول، إذا أراد شاعر معاصر أن يبين بألفاظ لا تجّوز فيه عن قول القتال الكلابي:

ولما رأيت أنني قد قتلته ... ندمت عليه أي ساعة مندم

لم يستطع هذا تغييراً يلائم العصر الحاضر، ولم يواته إلا أن يضع أبصرت مكان رأيت أو أسفت موضع ندمت أو يقدم أو يؤخر في الكلمات. وليس هذا هو التجديد في العبارة الذي عناه الأستاذ. أي تجديد في العبارة يستطيعه قائل يريد أن يترجم عن هذا المعنى.

يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم ... وترمى النوى بالمقترين المراميا

إنما يمكن التغيير في المجازات والكنايات والتشبيه والتمثيل مما يمكن فيه تأدية المعنى الواحد بطرق مختلفة، وتصوير الحقيقة الواحدة بصور شتى وألوان عدة تنجلي فيها أثر الخيال والمعايش المختلفة، والأزمان والبلدان المتباينة. وهو موضوع لا يغني فيه الإجمال ولا غنى به عن التفصيل:

١. بعض المجازات والكنايات جرت مجرى الحقائق حتى نسي أصلها أو كاد. ولا يدرك

<<  <  ج:
ص:  >  >>