للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(إن وراء هذه الحيطان رجلا يدعى بستور يكشف أموراً عجيبة عن مكنة الحياة، وقد بلغ من علمه أنه يعرف كيف تنشأ الحياة، ويقولون إنه ربما كشف منشأ الأمراض وأسبابها) ونجح بستور في إغراء السلطات بزيادة سنة على سنوات الدراسة، وبدأت المعامل تزداد عدداً، وخطب في تلاميذه خطباً من نار، فبعث بفصاحته الدمع إلى عيونهم، وتحدث عما تحدثه المكروبات من العلل في الأجسام قبل أن يعلم عن هذا شيئاً، فلم يكن بعد بحث الطاعون، ولم يكن بعد كشف غيره من الأوبئة القتالة، ولكنه فعل ذلك ليحمس الجمهور، والجمهور الفرنسي عنيد، عسير تحميسه

كتب يوماً رسالة صغيرة حارة يخاطب فيها جمهور الفرنسيين قال: (أرجوكم، أتوسل إليكم أن تعيروا شيئاً من اهتمامكم هذه البيوت التي أسميت معامل عمداً وقصداً. طالبوا بزيادتها. طالبوا بتكميل ما نقص منها. إنها معابد الغد. ومنها ستخرج لكم أسباب الرفاهية وأسباب الغنى). بقد سبق بستور زمانه بنصف قرن، وكان كالنبي الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، فنصب لقومه مثلاً للكمال عظيمة، ولكنه لم ينس أن يذكرهم بما سيكون لهم كذلك من متع مادية دون تلك المثل عظماً، لم يكن بستور بحاثاً كبيراً فحسب، بل كان خبيراً بأمور دنياه خبرة فائقة

(يتبع)

أحمد زكي

<<  <  ج:
ص:  >  >>