للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(سيريني) يتأكد أن منزل عروس أحلامه، لا باب له من واجهته!!!

طفقنا نبحث عن الباب، فاهتدينا إليه، في زقاق ضيق. . . . لا شك أنها عادت، ولكن. . . لو كانت عادت، لأبصرنا الضوء من خصاص النوافذ، ولو برهة وجيزة. إلا أنا كنا إذا أمعنا في التفكير قلنا: وما يدرينا؟ هل نحن واقفون على هندسة الدار، حتى نعلم إذا كان إشعال النور في إحدى الغرف، لابد أن يظهر من تلك النوافذ؟

دقت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، في الكنيسة المجاورة، وكان التعب قد بلغ مني مبلغه، حتى كدت أسقط إلى الأرض إعياء وضعفاً، فشرعت أتوسل إليه أن يعود، ومازلت به حتى أقنعته بذلك. . . وهكذا بفضل الله، وبعد سلسلة لا حد لها من التأوهات المحرقة، والتنهدات الملتهبة، وبعد كثير من الحدس والتخمين، وبعد نواح شبيه بمراثي أرميا، وبعد أن رسم خططاً ليقوم بتنفيذها في الغد، بعد كل ذلك، أوى (سيريني) إلى فراشه، وهو يزأر ويزمجر، وتركني أرقد بسلام؛ وأنا ألعن في نفسي الحب الريفي الذي يحتل قلوب كبار رجال المدن!!!

- ٦ -

وفي الصباح، عند الساعة العاشرة، أحتشد الناس في قهوة القرية الحقيرة. وكان (مارك) قد دعا رهطاً من أصدقائه لتناول الطعام في الهواء الطلق، رغبةً منه في استبقائهم حوله. وكان بين المدعوين الممثلة الشهيرة (تيريز اندرياني) وعدد غير يسير من أصدقائه في فلورانسا وروما. وفريق من النقاد المسرحيين. الذين كان الشاعر الرصين، الذي يعرف كيف يدير أعماله لتكون موفقة حتى في اشد أحواله اضطرابا، سيرجعهم بسيارته الخاصة إلى روما. وهنالك طفق اعظم أولئك النقاد مقدرةً، وأبعدهم صيتاً، ينقد الرواية نقداً وجيهاً. مسهباً، ويمتدحها في غير تحفظ ثم أخذ يبين كيف كان يضعها لو عهد إليه بتأليفها. ولكنه لم يكد يدرك نقطة التدليل على سداد رأيه ببرهان جليل من علم الجمال حتى تحول عنه (مارك سيريني) ولم يعد يكترث به. وبأروع جمله. . .

حدث حادثان عظيمان. . . ظهرت عروس أحلامه. ومن ورائها أمها. تخطر وتتهادى في ذلك الزقاق الضيق. متجهة نحو الساحة الكبرى. ولم يكد يتميزها تماماً حتى كان أحد أصدقائه الفلورانسيين. قد هرع إلى السيدتين. ورفع قبعته لتحيتهما. . . وقد لبث يتحد

<<  <  ج:
ص:  >  >>